من الطبيعي أن يقوم الوالدان بتدليل طفلهما الأول والاهتمام به وتلبية طلباته جميعها، من مأكل وملبس ولعب، وفجأة ودون سابق إنذار يجد نفسه وقد فقد هذه الأهمية بظهور شخص آخر في نفس المنزل يسمى «المولود الجديد». وكل الأطفال يشعرون بالغيرة لحظة وصول المولود الجديد، فالغيرة إحدى المشاعر عند الإنسان تشبه الحب والألم، ويجب أن تتقبلها الأسرة بوصفها حقيقة واقعة، وفي الوقت نفسه لا تسمح بنموها، فأحيانا يتكون انطباع لدى الطفل بأنه ليس المفضل وأن المولود الجديد يتمتع بشرعية أكبر وبحظ أوفر، لذلك يجب أن يشعر الطفل بين الحين والآخر بأن مكانته في قلب أمه وأبيه لا تقل بأي حال من الأحوال عن مكانة الطفل الجديد، وسوف تعود الأمور إلى نصابها بشكل طبيعي وفي الوقت المناسب إن تحلى الآباء بالصبر، وأعطوا كل فرد من أفراد الأسرة مكانته الخاصة حتى تتوزع الأدوار بشكل تستقيم معه الأمور. تظهر الغيرة بأسلوب مصطنع، حيث يخفي الطفل مشاعره الحقيقية ويقوم بدور الممثل نحو المولود الجديد، فيتظاهر بضمه وتقبيله ولكنه في حقيقة الأمر يود قرصه أو ضربه، ومن جانب آخر تبدو الغيرة واضحة بسلوك عدواني موجه للصغير، كذلك يتعمد الطفل جذب الأنظار إليه، ويحول كراهيته إلى أمه التي توجه اهتمامها إلى الصغير وليس إليه، فيبدأ هنا في الانتقام، ويتظاهر بالمرض أو البكاء أو العناد والسلبية. ومن أحد مظاهر جذب الاهتمام نكوص الطفل إلى أنماط سلوكية طفولية سابقة، مثل العودة إلى شرب الحليب من الزجاجة، والنوم في سرير الطفل، والتبول الليلي في الفراش، والتحدث بأسلوب طفولي، ومص الأصبع، والالتصاق بالأم، والبقاء في حضنها كلما حاولت حمل الصغير. ومن هنا يمكن توضيح الحلول التي يمكن للأم أن تتبعها لكي تتجنب المشكلات والغيرة التي سيواجهها طفلها الأول أو أطفالها السابقون، تقول «نجوى.ب»: «يجب على الأم أن تخبر طفلها بأنه يوجد في أحشائها طفل صغير سيكبر، وأنه سيلاحظ ذلك بتحسسه لبطن أمه، والحديث عنه بكثرة، وعند معرفتها جنس المولود بالسونار تخبره بأن هناك أختا أو أخا قادما في الطريق، ثم تمهد له بأنه كبر، ويجب أن يأخذ السرير الخاص به وإعطاءه للمولود الجديد حتى يكون مهيأ نفسيا، وأن هناك سريرا كبيرا سوف تشتريه له». وبالنسبة إلى أحلام فتقول: « يجب أن يهيأ الطفل لغياب والدته بعض الوقت عن البيت في المستشفى إن كان هذا ما سيحدث، وعندما ترجع مع المولود يجب ألا يصرفها هذا عن أداء ما كانت تنجزه لطفلها من أعمال، وألا تنشغل بأخيه كليا أمامه، وألا تبالغ في الاهتمام والعناية به، وبخاصة في الأشهر الأولى؛ لأن المولود لا يحتاج إلى مثل ذلك كله». والأهم من ذلك، بحسب صباح العمري: « هو حديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «سووا بين أولادكم حتى في القبل»، أي عدم التفرقة في المعاملة بين الأشقاء، بمعنى عدم تفضيل أخ على أخيه، ولا أخ على الأخت، ولا الأخت على الأخت الأقل جمالا، لأن نبذ الطفل أو الإعراض عنه فيه خطورة كبيرة على صحته النفسية والاجتماعية؛ لذا من الضروري المساواة بين الأطفال». أما بالنسبة إلى أريج الردادي: « يجب على الأم بعد ولادتها، وهي في المستشفى أن تضع هدية بجانب مولودها الجديد حتى لا يحس طفلها الأول عند مجيئه لرؤية الطفل الجديد بالغيرة والطلب من الأفراد الذين حوله الاهتمام به، لأنه الطفل الأكبر، وامنحيه الفرصة بفتح هدايا المولود الجديد، ولا تنسَ الأم أن تصف مولودها الجديد بالطفل الرضيع».