بعد التصريح الصحفي الذي أفضى به معالي وزير العمل في صحيفة الشرق ، حول القرارات التي اتُّخِذت مؤخراً ، حاولت عن طريق محرك جوجل أن أجد رقماً محدداً أو نسبة دقيقة للبطالة فلم أتمكن ، رغم مروري على مواقع رسمية ، من بينها (مصلحة الإحصاء ، وزارة العمل ، خطط التنمية ، بيانات منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ، وتقارير اقتصادية متخصصة) ، والذي عثرت عليه أرقام ونسب متباينة ، إلا أنها تتفق في ارتفاع سقفها مقارنة بكثير من دول العالم ؛ ما يؤكد وجود إشكالية كبيرة يعانيها الوطن ، تصل إلى حد قص العمود الفقري للاقتصاد الوطني. وإذا كان هناك من مميزات لبرنامج (حافز) فمن أبرزها كشف الأعداد الضخمة للعاطلين ؛ فقد وصل عدد المنتظمين بالبرنامج إلى نحو 1،3 مليون شخص ، وحين نتأمل هذا الرقم نصاب بالدهشة والحزن معاً ، هذا الرقم الضخم الذي يحلق في خارج دائرة العمل ، بينما يستوعب سوقنا المحلي ملايين العمالة الوافدة ، سواء في المؤسسات الكبيرة أم الصغيرة ، الأهلية أو الحكومية. وبمعنى أكثر وضوحاً : قوة العمالة السعودية تتضاءل ، والدليل أن السوق السعودي به قرابة عشرة ملايين عامل غير سعودي ، وقد حظوا بثقة أصحاب المؤسسات الحكومية والأهلية. كل ذلك يدعونا إلى التفكير في المبالغ الضخمة المستنزفة للخارج ، سواء على شكل ودائع أو حوالات ، التي تُقدَّر بمليارات الريالات ، وهي بلا شك في عداد المفقودات ، التي يفترض الاستفادة منها في الداخل من أجل عافية اقتصاد الوطن . والغريب أن البطالة لم تتوقف عند فئة الأقل أجوراً بل تجاوزتها إلى فئة أصحاب المؤهلات العليا من حملة الماجستير والدكتوراه ؛ حيث يقف في صفوف العاطلين منهم ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسمائة سعودي وسعودية ، عجزوا عن أن يحصلوا على وظائف تتناسب ومؤهلاتهم رغم الاحتياج الفعلي إليهم. والأكثر مرارة التسويف الذي وجدوه من وزير التعليم العالي بعدم تهيئة الفرصة لمقابلتهم ومحاورتهم وصولاً إلى حلول مناسبة تخدم الوطن. ورغم فداحة المشكلة ؛ كونها تمس كل أسرة سعودية ، فإن المشكلة ربما تتحول إلى كرة ثلج ضخمة ، تتدحرج إلى مكان منخفض ، والدليل ما قاله معالي الوزير بأن الثانويات تُخرج سنوياً ما يقارب 330 ألف طالب ، يبحث الكثير منهم عن وظائف. الكرة الثلجية تتدحرج ، ولن يتم إيقافها ما لم تتم مبادرات لوضع خطط سريعة من أجل استيعاب هؤلاء ، ومن بينها تقليص نسبة الاستقدام ، والقضاء على التستر ، وإحلال السعودي محل العمالة الوافدة ، وخصوصاً الذين يتقاضون رواتب عالية ، مع أهمية توفير تعليم مهني وفني يتناغم واحتياج سوق العمل. ارتفاع نسبة البطالة يحتاج إلى وقفة ، يشترك فيها جميع من له علاقة وقدرة في الحد من زيادتها وكبح جماحها.