ترتقي الأمم وتتقدم باكتشافات واختراعات علمائها , فالدولة التي تمتلك صفا طويلا من العلماء الذين يخدمون مجتمعها والبشرية بأكملها باختراعاتهم لا بد أن تكون ضمن صفوة الدول المتقدمة , فظهور العالم او المخترع لم يكن وليد الصدفة او الموهبة المفاجئة بل هو نتاج الكثير من العمل الذي قامت به الدولة لإخراج الطاقات الموجودة داخل افرادها والتي استفادت منها وجعلتها تتفاخر بأبنائها أمام العالم بأسره , احد اكثر الأمور التي ساهمت في زيادة عدد المخترعين والعلماء في المجتمعات المتقدمة يتمثل في فكرة براءات الاختراع , حيث تتبنى الدولة حماية أي اختراع يقوم به الفرد شرط احتوائه على نوع الابتكار والجدية , وتقوم بمعاقبة أي شخص ينتهك براءة الاختراع الممنوحة للشخص الآخر وتسن العديد من القوانين التي تجرم هذا الفعل وتجازي عليه , ولعل المشكلة التي حصلت بين اثنتين من اكبر شركات التكنولوجيا في العالم تبين مدى اهتمام تلك الدول بفكرة براءة الاختراع , حيث قامت شركة آبل الامريكية برفع دعوى على شركة سامسونج الكورية تتهمها فيه بانتهاك براءات الاختراع المسجلة باسمها وطالبت فيه الشركة المدعية عليها بتعويضها عن ذلك وهو ما حكمت به الجهة القضائية والتي الزمت شركة سامسونج بدفع مبلغ مليار وستمائة مليون دولار جراء انتهاكها لبراءة الاختراع المملوكة للشركة الأمريكية , وربما يرى المطلعون على هذا الحكم بأن حجم مبلغ التعويض المحكوم به ضخم للغاية إلا أن ضخامة ذلك المبلغ كانت بمثابة رسالة واضحة للمجتمع تبين مدى دعم الدولة لحق الاشخاص في حماية ابتكاراتهم ونتاج عقولهم وان التعدي على براءات الاختراع هو خط أحمر يجب على الجميع الابتعاد عنه. ولكن كم براءة اختراع قد تم تسجيلها في المملكة في السنوات الماضية مقارنة بالدول الأخرى وكم عدد براءات الاختراع التي قام المواطنون بتسجيلها في الخارج نظراً لسهولة اجراءات التسجيل ووجود حماية حقيقية تفوق تلك الحماية لدينا ؟ لا شك أن الاهتمام ببراءات الاختراع وحمايتها بشكل ملموس في الواقع العملي سيساهم بشكل كبير على تشجيع المبدعين من ابناء الوطن على تسجيل ابتكاراتهم في الدولة عوضا عن الهجرة بالأفكار والعقول ومنح فرصة للدول الاخرى للاستفادة منها. والله من وراء القصد.