سمع معظمكم بفوز شركة آبل بالقضية التي رفعتها على سامسونج في أمريكا وربحت بفضلها 1,2 مليار دولار.. وهذه في الحقيقة مجرد قضية واحدة من قضايا كثيرة ترفعها آبل حاليا على شركة سامسونج في 34 دولة مختلفة.. وفي المقابل ترفع سامسونج قضايا مضادة على آبل في نفس الدول.. أما في الخفاء فلم يمنعهما هذا التناحر من توقيع عقود تصنيع مكونات جهازي آيبود وآيباد من سامسونج لشركة آبل!! وما يحصل حاليا بين الشركتين هو مجرد نموذج لصراعات تنشب بين الحين والآخر بين الشركات المتقدمة والدول المصنعة.. فحين تبتكر شركة ما، تقنية ما، تسارع لتسجيلها كملكية فكرية خاصة بها.. وبهذا الطريقة تتمتع وحدها - وبحكم القانون في الدولة المُسجل فيها الاختراع - باحتكار التقنية الجديدة لفترة طويلة ومنع بقية الشركات من استغلالها!! وحين شعرت آبل بقوة غريمتها سامسونج لجأت الى سلاح البراءات "وأسبقية الاختراع" لمنعها من تسويق منتجاتها في أمريكا وأوربا والمكسيك - ونجحت جزئيا في ذلك.. وفي المقابل رفعت سامسونج قضايا اعتداء على براءات اختراع خاصة بها - ظهرت في الآيفود والآيباد - وطالبت بوقف مبيعات آبل في بعض الدول!! .. وبوجه عام؛ يمكن القول إن تسجيل أكبر عدد من براءات الابتكار وحقوق التصنيع أصبح بحد ذاته صناعة تدر الملايين على الشركات المالكة لها.. فالشركة المالكة لبراءة الاختراع إما تحتكر إنتاجه لنفسها، أو تمنع منافسيها من تصنيعه، أو تعمد لبيعه أو تأجيره، أو في أسوأ الاحتمالات ترفع قضايا تعويض ضد من يعتدي عليه أو يصنع مثيلا له!! لهذا السبب؛ ستصاب بالذهول حين تتأمل عدد الابتكارات والتقنيات الجديدة التي تسجلها شركات التقنية المتقدمة كل عام.. خذ على سبيل المثال ما حدث عام 2010 حين سجلت شركة IBM الأمريكية لوحدها 5896 براءة اختراع جديدة، في حين أتت شركة سامسونج في المرتبة الثانية عالميا ب 4551 اختراعا، ثم مايكروسوفت ب 3094 اختراعا، ثم كانون اليابانية ب 2552 في حين أتت باناسونك في المركز الخامس ب 2482 اختراعا جديدا.. ومقابل هذا الكم الهائل من براءات الابتكار (التي يبقى معظمها حبيس الأدراج بانتظار تحقيق أحد الاحتمالات السابقة) سجلت الدول العربية مجتمعة 200 براءة اختراع فقط، في حين سجلت اسرائيل لوحدها 1882 لنفس العام (حسب منظمة الويبو في أبريل 2009)!! والمحزن أكثر؛ أن معظم الاختراعات العربية عبارة عن اجتهادات شخصية لا ترقى لمستوى التصنيع ولا تصنف تحت خانة "التقنيات الذكية" لانتفاء مثل هذه الصناعة في العالم العربي (وبالتالي الاكتفاء بمخترعات مثل سخان يعمل على الطاقة الشمسية أو خيمة بدورين أو صنبور يتم غرسه في الرمال)!! .. العجيب أيها السادة أن حتى الصين لم تتردد في منع شركة آبل من تسويق جهاز "آيباد" في أسواقها قبل أن تدفع 60 مليون دولار كتعويض لشركة محلية (تدعى بروفيو) تملك حق استخدام هذا الاسم في الصين منذ عشر سنوات!! .. باختصار؛ أخبرني على ماذا نتصارع، أخبرك من أي الأمم نحن؟!