من الخطأ التام أن نعتقد بأن كرة القدم ليست سوى مجرد رياضة تقوم في اساسها على مبدأ التنافس بين الافراد وتحديد الفائز في تلك المنافسة للحصول على الجوائز وتلقي التهاني من الطرف الخاسر بكل روح طيبة , فكرة القدم حاليا باتت تجارة تدر كثيرا من الربح على المستثمرين فيها وبات تحقيق الفرق للبطولات يتخطى بكثير الحاجز الرياضي ويمتد ليشكل الاقتصاد القومي للدولة في النطاق الضيق والاقتصاد العالمي على نطاق واسع , ويكفي أن تنظر الى صفقة حقوق النقل التلفزيوني التي عقدتها احدى الشبكات الرياضية الضخمة مع الاتحاد الانجليزي لكرة القدم , حيث سيحصل الفريق الذي يستطيع تجنب الهبوط الى دوري الدرجة الأولى هذا العام على مبلغ يقارب 60 مليون جنيه استرليني وهو مبلغ أقل بقليل من المبلغ الذي حصل عليه الفائز بلقب الدوري في العام الماضي , كما أن سوق الانتقالات الصيفية في انجلترا لهذا العام شهدت صرف الاندية لمبلغ 500 مليون جنيه استرليني من اجل تقوية صفوفها 70% من تلك المبالغ كانت من نصيب اندية خارج انجلترا , ولا شك أن المبالغ الفلكية التي يتم تداولها حاليا في مجال كرة القدم اسال لعاب الكثير من الاغنياء من اجل دخول هذا المجال المربح والذي يلقى شغفا ومتابعة كبيرة من الناس حول العالم. وللأسف فإننا حينما ننظر إلى منظومة الاحتراف في المملكة نجد أنها حتى الآن لم تستطع أن تخطو الخطوة الأولى في طريق الألف ميل فأغلب من هم في المجال الرياضي حاليا لا يفهمون أو لا يطبقون الاحتراف بمعناه الحقيقي , والأمثلة والشواهد كثيرة على هذا ولذلك فإن تعليم الاشخاص لمفهوم الاحتراف قد يكون أولى الخطوات في طريقنا نحو منظومة احترافية افضل وربما تكون جامعة الملك عبدالعزيز هي السباقة لهذه الخطوة عن طريقها ومنحها ماجستير الإدارة الرياضية والذي يبدو من اسمه أنه يهدف إلى تعليم الرياضة وهي خطوة ممتازة من قبل جهات التعليم في المملكة من اجل تطوير الرياضة في بلادنا. ولكن لماذا لا تقوم الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتنظيم دورات قصيرة المدى تختص بالتدريب او بالتعريف بمنظومة الاحتراف أو أي مجال من شأنه أن يدفع الرياضة السعودية إلى الأمام , فالرياضة السعودية لا تكفيها المواهب فقط من أجل اعادة هيبتها الضائعة على الساحة القارية , بل تحتاج الى منظومة عمل كاملة تستطيع أن تخرج أفضل الطاقات الموجودة لدى تلك المواهب حتى تقفز بالمملكة بشكل تصاعدي فوق الهرم الرياضي. والله من وراء القصد.