من ثلاثة عقود تقريباً ونظامنا التعليمي يعيش حالة من عدم التناغم في مسيرته التطويرية التي كان يسلكها عبر مجموعة من الشعارات والمسميات الفضفاضة التي لاتلبث أن تذوب وتتلاشى بعد أن يبرز غيرها وفي خضم تلك المتغيرات المتلاحقة يتدنى مستوى المخرجات التعليمية حتى اصبحت ابرز القضايا المتداولة عبر الالسن والكتابات وحول اسبابها اختلف الكثيرون وتبودلت الاتهامات بين مختلف الاطراف عن المسئول عن ذلك التدني حيث نرى البعض يرجعه الى المناهج والبعض الآخر يرجعه الى المباني والبعض منهم يرجعه الى المعلم ولكل من الاطراف أدلته وبراهينه التي يراها منطقية لكن الجميع غفلوا عن الاشارة او حتى التلويح الى جانب ضعف بعض القيادات التعليمية التي تعد العقل المفكر والمدبر لكل تلك الفعاليات مجتمعة وعندما نقول القيادات فإننا نقصد بها من يوكل اليه عمل قيادي داخل المؤسسة التعليمية حيث ان البعض من تلك القيادات وللأسف الشديد لم يتم اختياره وفق معايير علمية مقننة تنبعث من اهداف المؤسسة التي سيديرها وانطلاقا من السلوك القيادي الذي يختلف كثيرا عن السلوك الاداري في السمات المطلوبة لكل منهما فالإداري على سبيل المثال يتطلب سمات ذات طابع تنفيذي اجرائي يلتزم بحرفية الانظمة واللوائح عبرإجراءات محددة اما القيادي فهو يحمل سمات التفكير المبدع والمبادأة والتجديد وحول هذه القضية حدث الكثير من الخلل حيث تولى القيادة بعض من لا يمتلكون مهارات القيادة الفطرية أو المكتسبة فكانت النتيجة أن تولوا مهمة التنفيذ الجامد لبعض الأنظمة واللوائح المتقادمة ايضا مما زادتهم جموداً وكان من نتيجة ذلك ايضا ان تحولت العملية التعليمية الى عمليات تنفيذية اجرائية بحتة تخلو من عمليات الابداع الميداني الذي يقوم على تفعيل المناشط المدرسية المتجددة التي تخدم وترعى المبدعين والموهوبين وتطلق عنان الفكر والتطبيق وكبلت حركة مديري المدارس والمعلمين والمشرفين التربويين حتى اصبحت تقليدية الى حد الملل وروتينية الى حد الجمود ولعل هذا التحول غير المنشود في نظامنا التعليمي نشأ وترعرع وتنامى تحت رعاية اولئك (المديرين). وفي جانب آخر نجد أن من الاخطاء الفادحة التي ترتبت على ذلك الاختيار غير المقنن ان الأغلبية منهم سلك مسلك اختيار معاونيه ممن يحملون نفس سماته وممن يتقيدون بمبدأ (أحضر وحضر وقل حاضر) واستبعاد كل من يتوسم فيه الجدارة الفذة التي تستطيع كشف سلبيات العمل الممتدة وهنا وئدت الكثير من القيادات الفذة وذابت في خضم الإحباطات المتلاحقة مما ترتب علية الكثير من حالات الضمور في عناصر العملية برمتها وتنامت بصورة لافتة حتى اصبحت مثاراً للجدل بين افراد المجتمع ومثقفيه وخاصة ان الدولة رعاها الله قد اولت مؤسسة التعليم جل اهتمامها ورعايتها وخصصت له الميزانيات المرتفعة بالإضافة الى ما خصص له خادم الحرمين الشريفين رعاه الله من دعم مخصص لمشروع تطوير التعليم ثم نراه حفظه الله يضع القيادة التى يرى انها قادرة على تفعيل ذلك التصور الذي تكتنزه ذاكرته عن المستقبل المنشود لنظام التعليم وهانحن ننتظر من تلك القيادة الحكيمة ان شاء الله أن تفعل الشئ الكثير في المستقبل القريب للنهوض بنظامنا التعليمي الى مصاف الدول المتقدمة وبان يكون عنصر القيادات المنشودة في مقدمة اولوياتها المنتظره والله من وراء القصد.