منذ أكثر من شهرين ووسائل الإعلام تتناقل خبرا مفاده (أن وزارة العمل بصدد إصدار قرار سيعلن عنه قبل حلول شهر رمضان المبارك يقضي بتخفيض ساعات العمل لدى كافة شركات القطاع الخاص وجعل يوم الخميس إلى جانب الجمعة إجازة أسبوعية) .. وقد كان لهذا الخبر المفرح وقع كبير في نفوس العاملين لدى المؤسسات والشركات الأهلية ، لأنه سيوفر عليهم الكثير من الجهد والوقت وسيجعلهم بكل فرح وسرور أكثر قربا من عوائلهم وأكثر تواصلا مع أقاربهم ومعارفهم ، إضافة إلى أنهم سيعودون إلى العمل بعد نهاية الإجازة الأسبوعية بنفسيات مرتاحة وهم أكثر رغبة في العطاء والإنجاز ، كما أن هذا القرار سيرغب الباحثين عن وظائف في الالتحاق بالعمل الأهلي مما سيقلل من نسبة البطالة ، ولكن ما أن اقترب الموعد المنتظر حتى بدأنا نسمع أخبارا يفهم منها بأن هذا القرار قد لا يصدر!؟. الأخبار الجديدة بدأت تتحدث عن (عزم وزارة العمل إطلاق حوار اجتماعي موسع بشأن تخفيض ساعات العمل بالقطاع الخاص) ، يعني في الوقت الذي ينتظر فيه العاملون بالقطاع الخاص وبفارغ الصبر صدور القرار نجد الجهة المختصة لازالت في طور مرحلة (الحوار) أي أنه لا يوجد مسودة للقرار جار بحثها وصياغتها ، ولا توجد دراسة ميدانية ونظرية يمكن الاعتماد عليها ، ولا يوجد من الأساس أي نية أو عزم أو توجه لإصدار هذا القرار ، وكل ما هنالك ، رغبة مطروحة على طاولة النقاش أبدتها فئة من العاملين يريدون أن يتقاضوا أجورهم دون عمل وبأكبر قدر من الراحة ، وهذه الرغبة يمكن مناقشتها و(الحوار) حولها لساعة أو ساعتين حتى تهدأ الأنفس، ومن ثم اعتماد التقارير والتوصيات المعدة سلفا بما يقضي باستحالة إصدار مثل هذا القرار حماية لمصالح وحقوق المؤسسات والشركات الوطنية !!. مثل هذا الموضوع الحيوي الذي يتعلق بمعيشة وحياة شريحة كبيرة بمجتمعنا ، سواء من العاملين أو أفراد عائلاتهم لا يحتاج إلى المزيد من الإجراءات والتعقيدات ، بل يحتاج إلى قرار يتم من خلاله تعديل بعض نصوص نظام العمل ، بحيث ينص القرار صراحة على أن لا تزيد ساعات العمل اليومية على ثماني ساعات والأسبوعية لا تزيد على أربعين ساعة وأن يكون يوما الخميس والجمعة هما الراحة الأسبوعية مع إمكانية استبدالهما بيومين آخرين لبعض العمال لضمان سير العمل لدى الشركات الإنتاجية والصناعية .. مثل هذا القرار يمكن معرفة نتائجه الإيجابية بشكل مسبق من خلال الاطلاع على تجربة العديد من البنوك والشركات المحلية في هذا الجانب ، فهل تنتظر وزارة العمل من (الحوار) الذي ستجريه أن تلين قلوب (أصحاب العمل) الذين يهمهم المكسب المادي ، أم أنها تنتظر من العاملين الكادحين نسيان حياتهم الخاصة تماما والتفكير فقط بحاجة ومصلحة العمل!؟.