قصة أصحاب الأخدود تتكرر اليوم في بلاد الشام ، وفي أكناف بيت المقدس. وما خصص الله لها سورة تحكي فصولها وتخلد ذكراها وترفع شأن ضحاياها المؤمنين إلاّ لتكون لنا درساً لا يُنسى ووعداً لا يُخلف ، ولنعلم أن وعد الله حق ، وأن هذا الدين ظاهر لا محالة شاء من شاء وأبى من أبى. في قصة أصحاب الأخدود ، احتار الطاغية كيف يقتل الغلام المؤمن ، إذ ما دبر له وسيلة قتل ، إلاّ وينجيه الله منها ، ويكتب على أعوان الطاغية الخسار والهوان. وأخيراً دلّه الغلام على وسيلة وحيدة تمنح الطاغية نصراً ظاهراً وخسراناً باطناً. قال الغلام للمستبد: (إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الطاغية الأحمق: ما هو؟ فقال الغلام: أن تجمع الناس في مكان واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم تأخذ سهما من كنانتي ، وتضع السهم في القوس ثم تقول (بسم الله ربّ الغلام) ، ثم ارمني ، فإن فعلت ذلك قتلتني ، ففعل الغبي فعلته الآثمة ، فصرخ الناس: (آمنا بربّ الغلام). فهرع أصحابه إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع! لقد آمن الناس برب الغلام. وازداد الأحمق حمقاً ، فأمر بحفر أخدود في الأرض ، وإشعال النار فيها. ثم أمر زبانيته بتخيير الناس ، فإما الرجوع عن الإيمان ، أو إلقاؤهم في النار. وكذلك يفعل الطاغية وزبانيته النصيريون في سوريا الصامدة اليوم. وكذلك يفعل الصابرون الأبرار .. لقد كفروا بالبعث الذي جثم على صدورهم قرابة نصف قرن، سامهم سوء العذاب باستمرار ، وإخوتهم في أرجاء العالم العربي تحديداً يتفرجون ، ولا حتى يعترضون. لقد عاملوا النظام بما لا يستحق حتى انتفش وظهر وظن أن الأمر بيده لا غير. قبل يومين فقط ذُبحت بالسكاكين أم مسكينة ، ثم أتبعوا بالسكاكين نفسها أبناءها الخمسة. كل واحد منهم يمثل ذلك الغلام. ثم كانت حادثة الحولة التي قُتل فيها 50 طفلا بلا رحمة أبداً. إنهم النصيريون ومن والاهم من القادمين من لبنان ، وإن الضحايا لنسخ تتكرر من ذلك الغلام ... لن يثنيهم البطش الشديد ، فالله أشد بطشاً. ما أشد آلامنا وأحزاننا يا شام الهدى ويا إخوة الدم والدين.