محمد بوعزيزي.. أيقظ أمة.. وفجر ثورة .. وأنفذ شعباً.. تكاد تلمح فيه وفي النار التي تلتهم جسده قصة الغلام الذي أصر على أن يحرك ضمائر أمته.. فصاح الناس بصوت واحد: آمنا برب الغلام.. آمنا برب الغلام.. هذا ما نسأل الله لهذا الشاب أن يغفر له وأن يرحمه.. وأن يرزقه ثواب خلاص تونس .. وثواب ما سرى في نفوس المظلومين من أمل.. وفي قلوب الطغاة الظالمين من هلع وبعد: فما يدرينا أن الشاب إنما أراد.. أن يعبر عن أوحش القهر وأمره فقط.. بأوحش التعبير وأمره فقط.. وكان ما كان قدر تتوق لمجده الأقدار ويتيه منه على النهار نهار قدر تفجر بالخلاص مغالبٌ مذ لامست جسد الشهيد النار قدر سرى روحاً بتونس حرة نهضت تخوض غماره الأحرار يتدافعون.. إلى الفداء كأنهم حمم يدمدم تحتها الإعصار مادتْ بهم أرض وأوشك شاهق أن ينحني وتهالك الجبار يطوي الفرار على الفرار وقد رأى عاراً، يجلل ناظريه العار من بعد ما سام الديار وأهلها سوء العذاب وأنكرته الدار وعدا على الخيرات كل مقرب ذي مطمع وتنافس الأصهار لا يشبعون.. ولا يرون نهاية إلا النهاية.. صاغها الدينار لا يعبأون بجائع أو معدم أو عاطل عصفت به الأخطار بل يسرقون.. ويسرقون كأنما لن يسألوا، أو زاغت الأبصار يا نخبة الأحرار حسب نضالكم شرفاً لكم أن تثمر الأزهار بالياسمين .. وأي عطر زفه بين الصفوف الموكب الموار يئس الرصاص من الرصاص وقد رأى حلماً، له فوق الرؤوس شعار أن يسقط الطاغوت من جبروته ويغيب في جفن الردى الجزار نلتم من النصر المبين بشائراً وكسا جموع الزاحفين الغار وصنعتم بالمجد مجداً باذخاً يعنو إلى شرفاته الأبرار أسقطتم الطغيان وهو مهيمن بطرٌ فلم يكف الشقي فرار يا أرض تونس إن شعبك لم يزل حراً تصان على يديه ذمار متوشحاً بالحب.. لكن إن طغى طاغ.. تململ فارس مغوار في كل شبر من ترابك ثورة يمضي بها للغاية الثوار أرأيت «للشابي» حين تفجرت أبياته قدراً، واستبسلت أشعار؟! «وأبو عزيزي».. حين أيقظ أمة فسرى لهيبٌ، ليس فيه شرار؟ كسرت من الخوف المهين جناحه وتحطمت بأكفها الأسوار وغدت تدك الأرض في خطواتها أمل، وملء جفونها إصرار ما عاد يرهبها الظلام وجيشه والليل تهتك ستره الأنوار يا شعب تونس هذه أيامكم فتخيروا أعلى العلا.. واختاروا صونوا مكاسبكم.. ولا تستسلموا أو تغفلوا فالمجرمون صغار واحموا الصفوف من التمزق واحفظوا وطناً له بين الأنام وقار كم خائف متحفز، أو حاقد متربص، أو جائر.. هو جار قد أضمروا ما أضمروه وربما حاك الدسائس خائن غدار وأمامكم سراق ثورات الرجال فكلهم متلون، متقلب، مكار يبدي الصلاح ولا صلاح وإنما هي فتنة ومفاسد.. ودمار كونوا اليد العليا ففي إنجازكم قدر تتوق لمجده الأقدار