بين ظهرانينا نفر استمرأوا (الردح) بعد أن جعلوا منه أسلوب حياة ومنهج تفكير ، حين ترسخ في طبعهم وتحول مع ممارستهم اليومية من عادة مكتسبة إلى فطرية لدرجة أنهم يعودون بعد كل ردحة بردحة أكبر ، بل أدهى وأمر..! نفر محسوبون على الإعلام الرياضي غزوا الفضاء ليخطوا لونا من ألوان التعصب بعد أن أحالوه سوقا رائجة للكلام المفتوح ليقعوا في أخطاء أخرجتهم عن السياق المهني حين انخرطوا في تراشقاتٍ مقيتة ، وبأسلوب مجاراة القطيع وقع البعض في فخ الانجرار وراءهم ما تسبب في إشعال فتيل الأزمة..! لقد استطاع أولئك النفر وبطرقهم المعهودة الإساءة للرياضة والرياضيين تحت سقف الحرية والتعبير عن الرأي ..! لكنهم لم يأبهوا بارتفاع ذلك السقف واتساع تلك الحرية؟ لقد شهد إعلامنا الرياضي خلال الأشهر الأخيرة تحولا مثيرا فى أسلوب النقد وصل حد التخريب حتى بات ظاهرة خطيرة على الرياضة بصفة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص بسبب أساليب الإثارة التى تعتمد على لعبة المصالح والانتماءات. بات حال إعلامنا الرياضي يدعو للدهشة والاستغراب حين انساق لدهاليز لا تؤدي سوى إلى غرف مظلمة شكلها مخيف ومستقبلها غامض ، فما كان بالأمس يهمس به همساً أصبح اليوم منطقا، فابتعد الإعلام عن قيم كان ينادي بترسيخها ومبادئ طالما بشر بها ، وأمام هذا الوضع ضاعت الكرة بين الأقدام. لقد كنا ننادي إلى ضرورة وجود إعلام يركز على الجانب التوعوي ، وأن الرياضة تنافس شريف وتهذيب للنفوس وليس صراعاً على نيل الألقاب والكؤوس ، أما اليوم فكيف نطلب منه ذلك وهو الأشد تعصباً من المدرجات؟!. وهو بذلك إنما يسهم بقصد أو بدونه في تلوث أجواء التنافس الأمر الذي جعل من اكتمال أي تنافس رياضي بالتصافح أمرا بعيد المنال ، وكلما زاد الإعلام في الاستمرار في سلك هذه الطرق الوعرة صار مشاهدة منافسات بروح رياضية وبدون تحشيدات أمنية كبيرة ضرباً من الخيال ، وهو واقع قد يقودنا إلى ملاسنات نحن في غنى عنها. ها هي الرياضة تتوشح السواد وتمتلئ قيحا وبثورا ودماملها تنفجر فينا كل يوم هنا وهناك بلا رقيب أو حسيب ، فانفتق الجرح ولا أظنه سيرتق. مررت بالصدفة على اليوتيوب فوجدت العجب العجاب..! صفحات سوداء تنضح حقدا وسوادا وتقطر كراهة بفضل بعض (الزلنطح)..! أن نشجع نعم .. أن نداعب نعم .. أن نمازح نعم .. لكن التعصب اليوم اخترق القيم .. وأصاب النفوس .. وهتك الأخلاق والخلق ينظرون..! وهنا تأتي خطورة التحريض والشحن الإعلامي في خلق أجواء من التعصب المقيت ، تشعلها برامج ركيكة، برامج محشوة بألفاظ جارحة ومصطلحات شاردة تؤجج المدرجات ، ورياضيون يفتقدون الروح ، فبت أردد بعد كل حدث (لا تكن أخلاقك رياضية أبدا)..! بقى أن أؤكد أن ليس كل الإعلاميين الرياضيين متعصبين .. لكن هناك من أصيب بهذا المرض الخبيث .. مرض ينهش الرياضة .. يمزمزها .. يقتات على ما تبقى من جسدها النحيل .. حقا : (كل إناء بما فيه).