* أن يتفقد مسؤول إحدى المحافظات التابعة له فذلك واجب عليه تحتمه عليه روح المسؤولية. * لكن أن تكون هذه الزيارة (بزفة حسب الله) فهذا مرفوض لأنها لن تكون أكثر من هدر للمال والجهد والمصلحة!! * كنا قد اعتدنا مثل ذلك النوع من زيارات البهرجة. لمجرد أن يتم إعلان المسؤول عن تلك الزيارة يتسابق الناس في تزيين الشوارع والساحات وواجهات المحلات والإدارات الحكومية وتنصب اللوحات الترحيبية في كل مكان! وأينما تذهب وحيث ما ترى تجد الصورة الكبيرة والعبارات الرنانة. وطبعا كثير من الصحف هي الأخرى تجاري القوم وتسابقهم في مثل هذه المناسبة كي تنال حظها من (الغلة) فتصدر ملاحق ترحيبية: (أهالي المدينة الفلانية يرحبون بالمسؤول العلاني). * وقد أراحتنا التوجيهات السامية من هذا (الدوخ) الذي أزعجنا لفترة طويلة عندما منعت مثل هذه المظاهر. * وللحق فإن التوجيه تحسس كافة الجوانب التي تصدع الرؤوس من غير داع فلامسها بأطراف الأصابع وأغلق أبواب الريح وأراح واستراح. * وللحق أيضاً فما كان يتم في هذه الاحتفائيات شيء هو بحد السكين، وأعطيكم أمثلة: عندما يعلن سيادة المسؤول رغبته في زيارة مدينة أو محافظة (ما) يبدأ الأهالي في تجميع (الفلوس) وهنا قد لا تستثني أحداً وبالذات من أولئك المواطنين (التعبانين)! من أجل ماذا؟ من أجل (المفطحات) والرقص والقصيد! أنا لا اسأل عن رجال الأعمال والتجار ومديري المصالح الحكومية ومن في مستواهم ، فهؤلاء وشأنهم يطبلون ما شاءوا ويقرعون الدفوف كما أرادوا ولكن اسأل عن اولئك المطحونين ، المواطنين البسطاء الذين يقدمون أحياناً من (لحومهم الحية) ومن أقوات عيالهم كي يدفعوها في (كلام فارغ) على الأقل بالنسبة لهم قياساً بأحوالهم وحاجاتهم!! وأعرف عن إحدى المناسبات في إحدى المحافظات (طنت) في رأس المسؤول أن يزور المحافظة في الشهور الأخيرة من العام الفائت .. بعض البسطاء الذين أشقتهم الحياة غص بمعاناته فمن أين يجد مصاريف أولاده ، وكذلك مصاريف مستلزمات العام الدراسي ، ومن أين يأتي بقيمة (البهرجة) لسيادة المسؤول!! * دائماً مشكلة أصحاب الوجاهات أنهم يرقصون فوق عروق (الغلابة) وهم لا يدرون أن تحتهم دماء تنزف وأحيانا يدرون ولكنهم يتجاهلون لأن (آفة التطبيل) أو التزلف تجعلهم لا يُفكِّرون إلا في أنفسهم فقط!! * هذه ناحية، أما الناحية الأخرى فلماذا هذا التطبيل أصلاً؟ ولماذا هذه الزفة؟ ولماذا كل هذه البهرجات التى ما أنزل الله بها من سلطان؟ * أليس هذا مسؤولا؟، والزيارة تدخل ضمن مسؤولياته؟ * يا جماعة لماذا تجعلون جولة مسؤول لموقع (ما) منَة أو تفضلاً أو مكرمة منه؟!! هذه من مسؤولياته وواجب عليه القيام بها ومن أبسط حقوقنا كمواطنين أن نجد هذا المسؤول أو ذاك عند كل شكوى وداخل كل إدارة يتفقد ويتابع ويناقش فلماذا نحن أمام واجباته نكلف أنفسنا ما نطيق وما لا نطيق من أجل مظاهر كذابة؟! * إن مثل هذا (التطبيل) هو الذي قلب المفاهيم عندنا ، فالمسؤول أصبح كأنه يرى زيارته كرماً ونحن أصبحنا نتوجس بأننا إذا لم نقرع الطبول فلن نكون وطنيين! * ثم ليت بعد ذلك نخرج بفائدة ، بل على العكس هذه الزيارات ضللت أكثر مما كشفت ، وأفسدت أكثر مما أصلحت ، وهذا كله لغير الصالح العام وضد الأهداف الحقيقية لزيارات المسؤولين التفقدية! * عرفاً الزيارة الفاعلة هي تلك الزيارة التي تأتي بغتة من غير أن يعلم عنها أحد، لأنك (هنا) تقف على الأخطاء وتكتشف الحقائق وتطلع على الأمور كما هي من غير تغيير أو تضليل .. وبالتالي يتحقق مبدأ الزيارة ويكون الإصلاح!! أما على طريقة (أصحاب السعادة) فإن الأمور تأتي فى الاتجاه المعاكس ، دائماً الزيارة يعلن عنها بتفاصيلها فسيادته سيزور كذا وكذا وكذا! يعني (إللي ما يشتري يتفرج) وطبعا (الطيبون) يتسابقون في تغيير كل معالم القبح وتستير كل العورات وإخفاء ما تحت الطاولات ، وتبدأ الأضواء وفرد الجوخ والأحمر وكل شيء في لمحة يجعل من الشمطاء ريانة العود!! والمسؤول الأكثر طيباً منا يستمتع بالمشهد ويسمع القصائد ويرد على الهتافات ثم يغادر بأمان الله!! * وفجأة يعود القرد إلى حاله وكأن شيئاً لم يكن!! * ولهذا وجد إلغاء مظاهر زيارات الزمر والتطبيل ترحيباً ، فعلى الأقل إذا لم يكن هناك إصلاح لحال ، فلا نزيد المواطن الغلبان معاناة على معاناته. * الآن بدأت تتسلل إلى السطح ثانية مثل تلك الزيارات ، وبدأت بعض الصحف تتسابق إلى الملاحق ، وبالتأكيد سيكون خلفها ما خلفها على كاهل المواطن. فهل من (قمعة) تعيد رأس (الطبال) إلى جحره؟!! خاتمة: ليت الذين يتكلفون فى المفطحات والإعلانات والزينات ينفقون ما جمعوا على فقراء المحافظة فهم أولى!!