قد يرسم الإنسان صورة معينه عن شيء ويمضي وفق تلك الصورة ، بمعنى آخر أنهُ قد يقلق من وضع هو الذي تسبب فيه ووضع لبناته ، فيقلق لا لأن الأمر مُقلقاً بل لأنهُ يراه كذلك . إن السعادة و الحزن أو القلق والسكينة تنبع من داخل الإنسان ، فمن رضي فلهُ الرضا ، ومن سخط فلهُ السخط. إن النفس البشرية هي مصدر السلوك والتوجية حسب ما يغمرها من أفكار ، يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم : زار أعرابياً مريضاً ، فقال لهُ مشجعاً ((طهوراً إن شاء الله)) فقال الأعرابي : بل هي حمى تفور ، على شيخ كبير لتورده القبور ، فقال لهُ النبي ((فهي إذن)) ، هذا يدل على أن ما تبعثه النفس من أفكار هي ما نتعايش معه حتى لو كانت أوهاماً ، فإن أردناها طهوراً ((فهي إذن)) ، وإن أردناها هلاكاً ، فلنا ما نريد. قال تعالى ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) ، فمن داخل النفس يأتي التغيير ، السعداء ينظرون إلى الحياة من الجانب المشرق ، والأشقياء لا يرون إلا الجانب المظلم ، فكلاهما ينظر ولكن كلاًَ بحسب أفكاره. قال الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله : (إن صلاح الأفعال والعادات مبني على صلاح الخواطر والأفكار ، وردُ الأفكار الخاطئة وإبعادها عن الذهن منذ البداية أيسر من قطعها بعد أن تصبح عادة مستحكمه (إن قوة الإيمان والعقل والحكمة تعين الإنسان على اختيار أحسن تلك الخواطر والأفكار ، وعلى دفع السيئ منها). وعين الرضا عن كل عيب كليلة=كما أن عين السخط تبدي المساويا وأخيراً أقول ... لا تنظر إلى الشيء من زاوية واحدة.