فمما يحزن قلب كل مؤمن يخاف الله تعالى ، ويرجو ثوابه ، ويخشى عقابه ؛ هو انتشار مشاهد التفسخ والخلاعة ، ومظاهر التهتك والابتذال في وسائل الإعلام وأدواته المختلفة ، والتي تؤثر في السليم والمتعلم ، وليس في الغافل والجاهل فقط. وحجة المصدرين لهذا الانحراف هي : الحرية المطلقة ، والتقدم والحضارة ، وإشباع الميل والرغبة. أما الأهداف الحقيقية التي ينشدونها فهي : إضاعة الدين ، وإشعال الغريزة ، وإشاعة الفاحشة ، وإفساد لكل نور وخير ، وقيمة وفضيلة ، وهذا مما يسعى إليه أرباب الكفر ، وسدنة التغريب ، وحملة الليبرالية. والذين يخاطبون في مناشطهم الغريزة الفطرية التي أودعها الله تعالى في النفس البشرية ، ويعملون على إثارتها وتأجيجها بوسائل منحلة ، وأساليب منحطة : عري وشذوذ ، وخلاعة ومجون ، ومما تهواه النفس الأمارة بالسوء ؛ من كلمة ناعمة ، وصورة فاضحة. ولهم في بث فجورهم ، ونشر فسادهم قنوات وبرامج فضائية ، ومدونات ومنتديات شبكية ، ومجموعات بريدية ، وقصائد وروايات أدبية ، ونوافذ صوتية ، ومنافذ مرئية. إن لغة الجنس -في غير مصرفها الشرعي- لغة تلوث المكان ، وتفسد الأخلاق ، وتنشر الأمراض ، وتطفئ نور الإيمان ، وتدفع العقل إلى انتهاج مسالك الإجرام. فيها تجريد للإنسان من الكرامة والمروءة والفضيلة ؛ التي يجب أن يتحلى بها في كل زمان ، وأن يحرص عليها في كل مكان. ثم هاهي اليوم آثارها السلبية شاهدة ، ونتائجها السيئة حاضرة ، فأصحاب الفن يجاهرون بارتكاب المعصية ، ولا يرون في الرذيلة جريمة منكرة ، وهاهم أصحاب الغيرة المنزوعة ، لا يمانعون في السفور والمخالطة ، ولا يرون أي حرج بين الجنسين ؛ في المجالسة ، ولا في الممازحة. وغير ذلك ؛ فإن متابعة هذه اللغة مدعاة إلى التأثر بها ، وارتكاب ممارسات محرمة ، واقتراف أفعال قبيحة ، ففي كل يوم نقرأ عن قيام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقبض على حالات معاكسة وخلوة ، ولقاءات محرمة. ومن الثمرات المهلكة لهذه اللغة : مرض الإيدز ، الذي ظهر في الإحصائية الأخيرة لوزارة الصحة بأرقام مفجعة وخطيرة ؛ حيث بلغ عدد المرضى المصابين بهذا المرض (14) ألف مريض ، منهم (4458) مصاباً يحملون الجنسية السعودية. وتأتي محافظة جدة في قائمة النسبة الأكبر ؛ من إجمالي الحالات المصابة ، تليها العاصمة (الرياض) ، لكنها -ولاشك- إحصائية غير دقيقة ، إذ توجد حالات غير مسجلة ؛ والتي يتم علاجها بشكل سري في دول أخرى. ومن نتائج هذه اللغة : ظهور الفساد في البر والبحر ، كقلة الأمطار ، وكثرة الأمراض ، ووقوع الزلازل ، وحدوث البراكين ؛ وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها الناس ؛ ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا ؛ كي يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى ، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )،(الروم:41 ). وحتى نحافظ على مجتمعنا من الانسلاخ والتدهور والهلاك ؛ يجب أن نحميه من عوامل الابتذال ، وأسباب الانحلال ، وأن تعود إليه البرامج التوعوية ، والمشاريع الدعوية ؛ التي انخفض نورها ، وانحسر نشاطها ، إذ يعدّ الوازع الديني هو الجهاز المناعي العظيم للنفس الإنسانية ، والذي يحميها من الجنوح والأخطار والسلوك الضار. كما ينبغي على الإنسان أن يتدرب على غض بصره ، وضبط مشاعره وميوله ورغباته ، وأن يكبح جماح تفكيره الضار، وأن يوجه طاقته في مسلك مفيد ، أو ممارسة نافعة ؛ فإن متابعة هذه اللغة ، سيصيبه بالانغماس المستمر فيها ، والإدمان المتواصل على ملاحقتها. (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) .(النور 21).