تبذلُ الدولةُ بسخاءٍ ، ويؤكد الملك -يحفظه الله- في كلِّ ميزانية على الوزراء أنَّ جميعَ المشاريع المطلوبة تم اعتمادها ، وعليهم مباشرة التنفيذ بأسرع وقت ممكن ، ووفق أعلى مقاييس الجودة ؛ ليستفيدَ المواطنُ من معطياتِ تلك المشاريع ، والاعتمادات الضخمة التي تتجاوز في كلِّ عامٍ أربعمائة مليار ريال لمشاريع التنمية الصحية ، والاجتماعية ، والتعليمية. التي تهدف إلى تحسين المستوى المعيشي ، والاقتصادي ، وتحقيق الرفاه ، والعيش الرغد لكافة شرائح المجتمع. ورغم هذا البذل ، وتلك الاعتمادات ، إلاَّ أنّ المدنَ الرئيسةَ لاتزال تعاني من نقصٍ في الخدمات ، والبنية التحتية. ولايزال المرضى يعانون من تدني مستوى الخدمة الصحية ، وانقطاعٍ متكرر في المياه ، والكهرباء. كما تفتقدُ كثيرٌ من الأحياء ، والمدن ، والقرى خدمات الصرف الصحي ، ومراكز التنمية الاجتماعية ، وسوء في المباني المدرسية ، واهتراء واضح في الطرق ، والشوارع العامة ؛ ممّا يعني أنَّ بعضَ الجهات التنفيذية لم تستثمر تلك الميزانيات ، ولم تتابع إنجاز مشاريعها بالشكل الصحيح. كما أنّ في هذا مؤشرًا واضحًا على وجود مخالفاتٍ ، وتجاوزاتٍ ، واهدارٍ للمال العام. وبناءً على ما يحدث من تساهلٍ ، حلّت مدينتا الرياض ، وجدة في المرتبتين 157و 159على مستوى مدن العالم لهذا العام ، وفق مؤشر (ميرسر) العالمي لقياس جودة مستوى المعيشة ، ودرجات السلامة الشخصية لسكان المدن الذي أعلن الأسبوع الماضي. أمّا على مستوى العالم العربي ، فجاءت مسقط في المركز الأول ، تلتها الدوحة ، ثم المنامة ، واحتلت الرياض الترتيب الخامس ، وجدة السادس في قائمة المدن العربية. ويرى الخبراءُ الذين علقوا على قائمة ميرسر أنَّ تهالكَ البنيةِ التحتيةِ ، والاختناقات المرورية ، وأخطار السيول ، وانتشار العشوائيات ، وعدم توفر مياه الشبكة ، وانعدام الصرف الصحي ، وتراكم النفايات في بعض الأحياء ، والتلوث البيئي والصوتي ، ودرجة الزحام ساهمت جميعها في وجود الرياض ، وجدة في هذه المراتب المتأخّرة -عالميًّا ، وعربيًّا- رغم ما يُنفق عليهما من مليارات. ربما أن هذه التصنيفات والقوائم تركز على جوانب معينة في مؤشراتها ، وقد يشكّكُ البعضُ في مصداقيتها ، ولكن يجب أن لا تُهمل ، وأن نقارن بين حجم ما يُصرف على مدننا ، وحجم ما صُرف في المدن المجاورة ، التي تصدّرت القائمة العربية ؛ كي نستفيد. لكنني أخشى أن تلجأ أمانتا الرياضوجدة إلى التعاقد بملايين الدولارات ، مع خبراء ، وباحثين عالميين لتحسين الصورة ، وتعديل موقعيهما في سلّم القائمة ، كما فعلت جامعتا الملك سعود بالرياض ، والملك عبدالعزيز بجدة.