هو المُتَكون من الثواني والدقائق والساعات ، وهو العمر الذي يمضي وقد قال عنه الشُعراء ، وتحدث عنه الحُكماء. يقول أحمد شوقي : دقاتُ قلبِ المرءِ قَائِلَةً لهَ=إِنَّ الحَيَاةَ دقائِقٌ وثوانِ ويقول أبا تمام : مرت سِنينٌ بِالسُّعُودِ وبِالهنَا=فكأنها من قِصرِهَا أيامُ ثُم انثنت أيامُ هجرٍ بعدها=فكأنها من طُولِها أعوامُ ثُم انقضت تِلكَ السِنِينُ وأهلُها=فكأنها وكأنهُم أحلامُ هذا هو الوقت ، هذا هو رأس المال ، هذا هو العمر ، فلا ينقضي في غير واجب أو منفعه ، ففي دقيقه واحده تستطيع فعل الكثير ، كقراءة القرآن : (إنا أعطيناك الكوثر * فصلي لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر) ، وتستطيع في دقيقه أن تذكر الله ، أو أن تقرأ ما يفيدك من أدب ، أو شعر ، أو روايه. وتستطيع في دقيقة أن ترضي ربك ، وتمحي ذنبك ، وتجلي همك ، وتزيد في حفظك ، وتُنير فكرك ، وتعمق فهمك ، وتنمي عطائك. فقد قيل : إذا كان رأسُ المالِ عُمركَ فاحترس=عليِهِ من التضييعِ في غيرِ واجبِ ويقول الإمام الشافعي رحمه الله : جالستُ الصوفية فما أستفدتُ منهم إلا قولهم : الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. إن وقت الإنسان في هذه الدنيا قصير ، وانفاسه محدودة ، وأيامه معدودة ، فمن استثمر هذه اللحظات في الخير ، فطوبى له ، ومن أضاعها وفرط فيها ، فقد خسر زمناً لا يعود إليه أبدا. إن الوقت ثمين جداً ، فقد يكتب في صحيفة أعمالك كثير من الحسنات إذا عرفت كيف تستثمرها جيداً ، وإن أضعتها فالله المستعان . أُريد أن أقول لك أخي القارئ ، أن الوقت الذي يمضي من عمرنا هو المعلم الحقيقي فلا تحرم نفسك منه بتضييعه. فلتحسن أخي إستغلال وقتك فيما يعود عليك وعل أمتك بالنفع في الدنيا والأخرة فما أحوج الأمة إلى من يعرفون قيمة الوقت ويطبقون ذلك في الحياة. أخي القارئ ما مضى فات والمُؤَملُ غيبٌ=ولك الساعةُ التي أنتَ فيها