لا تتورع الكثير من الشركات عن جني المال بأي طريقة كانت ، حتى لو كانت هذه الوسيلة خادشة للذوق وخارجة عن حدود الأدب أو مسيئة لإنسان أو عرق من الأعراق، بل إن الجشع قد يصل ببعضها إلى درجة أن يكون كسبها قائماً على حساب صحة الناس وحياتهم ، كما تفعل بعض شركات الأسلحة والأدوية والتدخين وغيرها. كنت أتابع فاصلاً إعلانياً على إحدى القنوات فإذا بدعاية لإحدى شركات البسكويت المشهورة ، وقد عُرض في الدعاية مجموعة من اللاعبين يتدافعون الكرة ، وبينهم امرأة عجوز تشاركهم اللعب ، فيقوم أحدهم بإسقاطها أرضاً ؛ فتقف للانتقام منه ، وهنا يتدخل لاعب آخر مخاطباً المرأة بقوله : (سامر .. إنت مو إنت وإنت جيعان)!! ويناولها أصبعاً من البسكويت ، وبعد أن تأكل المرأة البسكويت تتحول إلى شاب في قمة عنفوانه وقوته!! ومفاد هذا الإعلان أن هذا البسكويت يمنح القوة والنشاط!! وقد أعاد الشاب سامر إلى وضعه الصحيح بعد أن أصابه الإرهاق وجعله في حالة -جسدتها هنا شخصية المرأة العجوز- يُرثى لها!! لا شك أن هذه الشركة قد انتقصت من قدر المرأة في هذا الإعلان ؛ لأنها جعلت منها مثالاً للضعيف المتهالك والهزيل المنكسر الذي يتعرض للركل والرفس والسقوط ، ومثل هذا لا يليق أبداً بمكانة المرأة ، ولكن هذه الشركة تجاهلت ما للمرأة من منزلة واحترام وزجّت بها في هذه الدعاية الرخيصة بهدف تحصيل الربح المادي!! إذا كانت الشركات لا تتورع عند الترويج لمنتجاتها عن الإتيان بما شاءت من الدعايات في سبيل تحقيق أهدافها فإن على إعلامنا أن يقوم بدور الرقيب على مثل هذه الإعلانات التي قد تشطح ذات اليمين وذات الشمال ، وأن يضع حدًّا يحول دون تجاوز أعراف المجتمع وتقاليده النبيلة.