د.فهد بن محمد الخضيري ندما تكتب أو تتحدث عن الفقيد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- فلا تدري بأيّ خصال الخير تبدأ ؟.. ما هي صفات الخير عن هذا الرجل الرحيم العطوف المحب للخير ؟.. هل تبدأ بحبه للمساكين أو تبرعاته للأيتام أو رعايته للجمعيات الخيرية التي تعنى بالمساكين ؟.. أم بمحبته لأهل القرآن ودعمه لمسابقات القرآن ؟ أو تتحدث عن اهتماماته بالجمعيات التي تواسي المرضى وترعى المساكين ؟. عندما تأسست جمعية مكافحة السرطان عام 1424 هجرية -وأشرّف بكوني من مؤسسيها- وجدنا صعوبات مادية كبيرة في البداية تتمثل في إيجاد مبنى للجمعية ومن ثم رواتب الموظفين ثم الصدقات التي يحتاجها المرضى , وكنا نعاني كثيراً فجاءنا صوت أحد العارفين لسلطان الخير فقال لنا: زوروا سمو الأمير سلطان وسترون بإذن الله ما يسركم , وتم ترتيب الزيارة لسموه فكانت تلك الزيارة مفتاح خير لجمعية مكافحة السرطان ولمرضى السرطان ، حيث فاجأنا سمو الأمير بالأسئلة الحريصة على هذه الفئة الغالية من المرضى وتكلم عنهم على قدر اهتمامه بأبناء الوطن وأبدى الكثير من الاهتمام بهذه الجمعية الوليدة (آنذاك) مما يدل على سعة اطلاعه وثقافته العالية في الصحة والجمعيات الخيرية والعمل الخيري , وسرنا ما وجدناه من لطف واهتمام وسعة اطلاع ومن دون أن نتكلم أو نطلب أمراً للجمعية بمليون ريال سنوياً لمرضى السرطان ، ثم التفت إلينا مبادراً وقال: هل لديكم مبنى للجمعية ؟ فالتفت بعضنا إلى بعض ثم أجبناه بأنه لا يوجد مبنى للجمعية ، وأننا نستأجر مكتباً صغيراً لإدارة شئون الجمعية ، فالتفت إلى ابنه فيصل وقال له: اكتبوا لهم مبنى !! بأربعة ملايين ريال !!.. ثم التفت إلينا وقال ابحثوا عن مبنى مناسب ثم قدموا أوراقكم لنا .. وهكذا تنفس أعضاء المجلس التنفيذي الصعداء وخرجنا من مجلسه العامر فرحين ومستبشرين تاركين مجلسه لمزيد من أهل الحاجات والاحتياجات من أبنائه المواطنين الذين كانو يزورنه حباً له ومحبة لولاة أمرنا .. وتباشرنا بهذا الخير من رجل الخير وبارك بعضنا بعضاً بالقبلات والتباريك والأحضان , وبعد خمس سنوات من ذلك الموقف , وبعد عودته من زيارته العلاجية لأمريكا في بداية عام 1431 هجرية تم بناء المبنى الخاص بالجمعية على نفقة سموّه الكريم وتم تشغيل المبنى , فزرناه مرة أخرى مهنئين له بسلامة الوصول ، ومعنا مجسم للمبنى الذي كتبنا عليه: هذا ثمرة من ثمرات أعمالكم الخيرية .. ورافقنا بهذه الزيارة بعض المرضى المتعافين من العلاج والذين تمت رعايتهم بواسطة الجمعية بفضل من الله ثم بتبرعات وزكوات الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء من المتصدقين أمثال سمو الأمير سلطان , وقدمنا له نبذه عن عمل الجمعية ودورها في خدمة مرضى السرطان ، وأعداد المستفيدين من الجمعية وماذا قدمت لهم الجمعية من دعم مادي وتذاكر وسكن للمرضى .. ففرح بذلك الإنجاز وأشاد بدور الجمعية وزاد على ذلك بأن أمر بمبلغ ثلاثين ميون ريال لمرضى السرطان الذين ترعاهم الجمعية , (كوقف خاص لمرضى السرطان باسم: وقف سلطان بن عبدالعزيز لمرضى السرطان) .. وهذا موقف من المواقف الكثيرة التي تتكرر في مجلس سموه عدة مرات ؛ فحسب ما نقرأ في وسائل الإعلام يتبرع للمعاقين بمبنى وللأيتام بمبنى ومساكن ولأهل الحاجات عنده مواقف ومواقف لا يتسع المقام لذكرها , يعجز القلم عن ذكر خصال هذا الرجل الذي نذر نفسه لخدمة الخير وأهل الخير وأحب المساكين والأيتام والمعاقين والمرضى وقدم لهم الكثير , ونسأل الله أن يكتب له الأجر العظيم ويجزيه خير الجزاء وأن يسكنه الفردوس الأعلي من الجنه عن تلك الأعمال الخيرية التي قدمها لوطنه وأبناء وطنه. * عضو مؤسس لجمعية مكافحة السرطان - رئيس وحدة المسرطنات بمستشفي الملك فيصل التخصصي بالرياض