سأتطرق اليوم إلى موقف أرى أن له اهمية من حيث اكتمال الصور الإيجابية المشرقة لديوان المظالم يضاف إلى ملاحظات سبق وأن طرحتها هنا تتعلق بالمرافق القضائية وذلك فيما يخص التنظيمات الإدارية ، فديوان المظالم شهد تطورا شموليا ونقلة نوعية مميزة خلال الفترة الأخيرة ، وحظي بدعم الشواهد حول ذلك أكثر من أن أحصيها في مقال ، لكن تراءى لي سلبية في التنظيم الإداري في نقطتين مهمتين هما ( التقادم ) و ( الإختصاص ) ومالهما من تأثير كبير على رفض الكثير من القضايا بعد النظر من جلساتها الأولى فمسألة سقوط الدعاوى بمرور خمس سنوات فيها فقهيا أكثر من قول خصوصا في الحقوق التي يجمع جميع العلماء المشرعين على وجوب النظر والتقاضي فيها وليس هذا مجال الطرح وما يهمنا هنا هو القبول من الرفض والذي عادة مايكون بعد النظر رغم أن هنالك بندا إداريا يمنع قبول القضايا والنظر فيها إلى مضى خمس سنوات ، والمسألة الثانية الإختصاص وهي مسألة واضحة لا تحتاج إلى تفسير وهي بشأن تحديد مكان نظر القضية وهذا إشكال إداري بحت لا علاقة له بالتحاكم لكن أحيانا يحصل إختلاف بين القضاة كل يدعي أن النظر ليس من إختصاص إدارته فيبقى المدعي حائرا إلى أين يذهب وحتى لا يبقى الحديث إنشائيا اورد موقفا داعما لتلك السلبية ، تقدم مواطن بدعوى إلى المحكمة الإدارية بجدة ( ديوان المظالم ) وبعد جلسة خاصة أشعر المدعي بأن المحكمة الإدارية بجدة ليس من إختصاصها النظر في القضية بحكم أن المحافظة تتبع للمحكمة الإدارية بالعاصمة المقدسة ، وقامت المحكمة الإدارية بجدة مشكورة بتحويل المعاملة عن طريقها رسمية إلى المحكمة الإدارية بالعاصمة المقدسة ، وتحدد موعد بعد شهرين تقريبا ، حضر المدعي المواعد بمكة المكرمة ليحكم القاضي بأن القضية ليست من إختصاص المحكمة الإدارية بمكة المكرمة وأن على المدعي إقامة الدعوة بالمحكمة الإدارية بجدة ، وهكذا كان المدعي ضحية قرارات إدارية يجتهد بعض منسوبي الديوان في تفسيرها رغم وضوحها ، مما تسبب عناء للمتقاضين وتكرار للقضية الواحدة ، علما بان القضية المشار موضوع التجاذب تتعلق بصحة إنسان بين الحياة والموت وليست في امور عاديةوسواء في مسألة التقادم او الإختصاص ، كان من المفروض على المحاكم عدم قبولها من البداية لأن مثل تلك التحفظات مدونة بالنظام صراحة واماكن النظر محددة بحكم المناطق و أن قبول مثل تلك الدعوى مبدئيا من قبل المحاكم يعتبر خطأ إداري لكنه متكرر ، ويضر بالتالي بالمتحاكمين وبالديوان نفسه ، لما يتبع قبول تلك الدعوى دون التحقق إجراءات نظامية وإدارية لدوائر حكومية أخرى ، وهنا أرى ان على الديوان إنشاء إدارات فرز في جميع فروع الديوان مهمتها مراجعة القضايا قبل تحديد مواعيد التقاضي وفرزها بالنسبة للقبول من عدمه وكذلك آماكن الإختصاص ، وذلك للتخفيف على كافة الأطراف ومنها بالطبع الديوان ، وهنا سنكتشف أن نسبة كبيرة من المعاملات ستتجه وجهتها الصحيحة ، وأن غالب ما ينظر في الديوان وهو فعلا ما يتوافق مع الأنظمة واللوائح ، بعيدا عن الأخطاء الإدارية التي قد ترهق القضاة وتشغلهم بقضايا حتى لو حكم فيها يرفضها أحد الاطراف بحجة ( التقادم او عدم الإختصاص )هذه سلبيتان اجزم بأن لاذنب للقضاة فيها ولكنها هنات إدارية لا تقلل بأي حال من الاحوال وكما اسلفت على ما يتمتع به الديوان ومنسوبوه من ثقة وما يشهده الديوان دوما من تطور عام ومواكب يهدف إلى إحقاق الحق وإرساء مبدأ العدالة التي تميز بها منسوبوه واسهم في تميز منظومة القضاء في هذا الكيان الشامخ هذا وبالله التوفيق.