لقد بلغ اليأس منا مكمنه ، وسواد الليل يتشابك حولنا سوادًا وحلكة ، تتراقص حولنا ذئاب الهم والوحدة ، برغم أننا نعيش بين أحضان وطن نحبه من مخمص أرجلنا حتى النخاع. بعض الحروف حرقة بل جمرة تكوي الفؤاد مرة تلو مرة ، إن تركتها غصت بالحلق غصة ، وان أوضحتها دثرت بالملامة .. حاولت أن أواري سوءات كلماتي ، لكن حبر القلم هو دمي ، وهو من ينفس عني بعضًا من همي. فيومًا بعد يوم نتشرب أنظمة عارية من المشاعر تحيط بنا من كل جانب قارصة كالشتاء. نتجرعها بعناء .. لن أتحدث عنا، عن معاناة المواطنين من جشع التجار وتزايد الأسعار ، وفقدان الرقابة على المحلات التجارية التي تصطاد المواطن المسكين المغلوب على أمره يومًا بعد يوم حتى (نتفت) جيوبه رغمًا عنه دون مبالاة ولا خوف من الله. ولن أتحدث عن (الهوامير) وعن خيرات البلد الطائرة إلى الخارج. سأتحدث عن أمر أبعد من ذلك يخص مستقبل هذا البلد ، هم شبابنا ففي هذا العصر الذي تقاس الأمم بعلم وثقافة وإرادة شبابها استوجب عليَّ أن أدلي بدلوي في هذه (المعضلة) إن صح التعبير. فلمؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- الفضل الأول في غرس البذرة الأولى لنظام التعليم بالمملكة ، والدليل على ذلك عندما أمر بإنشاء مديرية المعارف العامة في عام 1344ه ووضع لها ميزانية خاصة ، وأوصى بأن تفتتح المدارس في جميع أنحاء المملكة ليعم العلم. بل إن من وصاياه -يرحمه الله- (أن طلب العلم حق لكل أفراد الشعب ، وأن من واجب الدولة تذليل الصعاب لطلاب العلم) ، سار على هذا الطريق أبناؤه من بعده ، فأنشأت المدارس والجامعات ورصدت لها المليارات التي توازي ميزانيات دول أخرى ، ومشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم وما رصد له من مليارات لهو أكبر دليل على حرص حكومتنا على تثقيف الشباب .. لكن أحسسنا نحن الكادحون في الأرض بأن التعليم أصبح (تجارة) ، فإنشاء المدارس الخاصة ومبالغة بعضها في الرسوم ، وكأن كل همها تحقيق الربح فقط، والمبالغ التي تدفع لما يُسمَّى التقييم المستمر والقدرات وغيرها لهو أكبر دليل ، وهذا منعطف خطير في التعليم ، سأقف معكم على إحصائية لهذا العام تقول: إن خريجي الثانوية العامة يزيدون عن (400.000) طالب وطالبة ، وحتى يتجاوز الطالب مرحلة الثانوية ينبغي عليه أن يدفع (400) للقدرات والتقييم ، إذًا إجمالي المبلغ لهذه السنة (160.000.000) تقريبًا ، ليت الأمر يقتصر على دفع المبلغ وإنما على مستقبل شبابنا. مثال (طالب معدله الدراسي 95% أخفق في التقييم والقدرات والسبب لا يوجد قاعدة أساسية لهذا النظام ، ولا كتب يستنير بها ، فأصبح معدله العام 75% لم يقبل في أي جامعة ، ولا حتى معهد مهني (ما ذنب ذلك الطالب؟!) واضرب على هذا المثل الكثير. ألم أقل لكم إننا في منعطف خطير ، وإن التعليم أصبح تجارة .. وسامحوووونا.