..... وجدتي تدعى (صندلة) حين ابتسم الحفيد وقد كانت أصابعه تنزلق على سطح الايفون ، من الجيل الرابع ، كان هو أيضا من الجيل الر ابع لبداية الانقراض ، بداية انقراض الاسم (صندلة) ، وبداية انقراض النبتة العطرية في جبال السراه. لم تكن تلك الابتسامة لتمر دون أن تحيلني الى الذاكرة والى المجهول في آن ، لم تستغرق حينها سوى مسافة تمدد عضلات خفيفة ومخفية على جانبي وجهه السفلي ، ثم انقباضها ، هكذا بكل بساطة! أقف أنا في منتصف المسافة بين جيلين ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، احسد نفسي أحيانا كوني لحقت ببعض روائح الشجرة العطرية ، وفي ذات الوقت اشعر بالضياع كون ذاكرتي تصطدم بمشهد يمر أمامي يجب علي ان اتلائم معه. كان وقع الاسم على اذن الحفيد (صندلة) أشبه بنغمة ناشزة في كونشرتو الإيقاع العصري المتناغم ، وفيما تلا الابتسامة ، كانت عودة كسولة إلى العصر ، خيل إلي ان ومضة من قاع الماضي المنسي قد التمعت في ذهنه كبرق ، ومضة عبرت مجردة من خلفيتها فكانت نشازا .. والصندل نبات جنوبي له رائحة عطرية ، ينمو في قمم الجبال السروية .. فتن به الاجداد فحسن له الاسم ومن به تسمى. تنظر الى بقايا شجرة فترى في أوراقها رغبة المغادرة ، تشعر ان بينها وبين التاريخ والانسان رباط من روح ، فيما لوقدر لها ان تحكي لقالت : زمني زمن أسماء الصبايا حين كنت بعضا منهن! رائحتي فتنتهن ، وسيقاني قدودهن ، ومعاصبهن بعض أوراقي. قلت لحفيد الجدة التي غادرت ولم يعرفها الا ذكرا على السنة الحكايا : اكتب شجرة (صندل) ، على محرك الصور. كتب فظهرت خضراء مورقة ، تتشبث بتراب الأرض في مكان مجهول. قال : هذه شجرة. قلت : هذه جدتك !