أسئلة استشرافية طرحها الأستاذ الدكتور بشوشة بن جمعة من على منبر أدبي الباحة الأسبوع الفائت عن الشعر والرواية باعتبارهما غير ثابتين ويتميزان بديناميكية الحركة ، محللاً الخطابين الشعري والنقدي ووجود الفجوة بينهما مما أدى إلى إغفال أسماء شعرية بارزة من التعاطي النقدي ، منعطفاً في حديثه إلى الشعر على اعتبار أن النص لا يتولد من فراغ إذ يتأسس في جملة من السياقات وجملة من الإنتاجية ، متطرقاً إلى الغموض باعتباره سمة أساسية على شريطة امتلاك الجمال الحقيقي ، والبعد عن محاكاة التجارب الأخرى. وأفاض بشوشة في حديثه عن السؤال الزمني للشاعر ، على اعتبار أن الكتابة الشعرية مقاومة للزمن ، فهي أقوى من النسيان، ملحمة يصوغها الشاعر لتبقى الرمز بعد رحيله ، على اعتبار أن البيان الشعري يمتلك بلاغة لا يمتلكها البيان الكياني ، فالبيان ثابت والكيان راحل، سارداً العلاقة المتوترة بين الشعر والنقد ، إذ إن الشاعر يظن أنه محور العالم ، فالجميع يدور في فلكه وفي حالة اختلال علاقته مع سلطة النقد يحدث التوتر ، مما ينجم عن ذلك موت العديد من التجارب الشعرية بعد ولادتها مباشرة. لينعطف د.بشوشة الحديث عن الجنس الثاني (الرواية) حيث يقول المنتج السعودي للرواية يزيد عن 500 رواية ، وهي مغرية شكلاً ، مخيبة الأنظار على صعيد الكيف ، فبعض النصوص لا تستجيب لجماليات الرواية ، نتيجة ارتباك في إنشاء أدوات الرواية ، عدا بعض النصوص التي خرجت من هذا المأزق ، إلا أن ذلك غير كاف فالساحة الأدبية تنتظر نصاً مختلفاً ، متجاوزة النماذج السائدة خصوصاً والتنامي في معطيات الحياة التقنية والحضارية. وفند بوشوشة أنواع النقد كالنقد الصحفي الذي يخضع لجانبين التقريض أو التحامل ، وهما موقفان ذاتيان انطباعيان ، فالذاتية نقيض الموضوعية ، وكذلك النقد الثقافي الذي يتفاةت من حيث القيمة والمضمون ، والثالث النقد الجامعي ويكون على شكل دراسات ورسائل علمية تتوفر فيه مقاربة المشهد الشعري أو الروائي. ليعود مره أخرى في الحديث عن النصوص التي طرحها الشاعر السعودي في فترة سابقة ، لتتحول من التقليدية إلى جملة من الموضوعات الجديدة سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو وجدانية ، علماً بأن الحداثة قد تم تجاوزها منذ خمسة عقود ليشهد العالم عصر العولمة ، مما طرحت آليات جديدة في ضوء إشكالات سياسية واجتماعية لتتولد القصيدة النثرية -القصيدة اللوحة - مختتماً أسئلته المتشظية بأمل ولادة أجمل قصيدة. أما الدكتور حافظ المغربي فقد تماهى في الإبداع الشعري الباحوي ليقدم نموذجين شعريين من شعراء الباحة وهما الشاعر الأستاذ حسن الزهراني والأستاذ عبدالرحمن سابي ليقرأ بعض نصوصهما ، مطبقاً أدواته النقدية مستكشفاً الجوانب الجمالية مستجلياً النواحي الإبداعية. لتُختتم الأمسية الثقافية بالعديد من المداخلات إثراءً للأمسية ... بالفعل كان مساء ثقافياً مختلفاً مع قامتين نقديتين بارزتين عطرا أجواء الباحة بشذا الفل التونسي وزهرة اللوتس المصري. ومضة : الجمال يمكن أن نستشعره في كل الموجودات التي حولنا،على شريطة انبثاق الجمال من ذواتنا . ثمة علاقة وقواسم مشتركة بين المكنونات الداخلية والظواهر الخارجية ، لذا فالبعض يرى بروح التفاؤل ، في حين يرى آخرون الجانب العكسي النصف الفارغ من الكأس سوداوية وقتامة ، وهذا مكمن الخلل في الحكم على الأشياء دون أن نستجلي ذواتنا،ونطهر مقاصدنا.