أصبحت هذه الكلمة الأكثر رواجاً هذه الأيام ، نسمعها كلما حدث بين اثنين أو أكثر خلاف أو مجرد اختلاف بسب ما يجمعهما من تعاملات تجارية أو مقابلات إعلامية أو حتى منافسات رياضية !، وكلمة الشرع هنا لا يقصد بها اللفظ نفسه ، بل يقصد منها أن ذلك الشخص الذي أطلق هذه العبارة سيلجأ مباشرة إلى المحكمة (العامة أو الجزئية) ولن يلجأ لغيرها لتنظر في دعواه ، ولهذا الكلام وجهان متناقضان ، وجه مشرق يتمثل في ثقة أولئك الناس وأيمانهم بعدالة المحاكم ، ووجه آخر معتم ويبعث على الإحباط والتشاؤم ، ويتمثل في انعدام ثقة أولئك الناس بالأنظمة وباللجان القضائية المنبثقة منها ، والتي يرون (بحسب قناعتهم) بأنها غير متمكنة وليست ملزمة وربما تحابي ناسا عن ناس وقد تحكم بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان !! جميعنا يعرف تمام المعرفة ، أن الشريعة الإسلامية سبقت ما عداها من القوانين الوضعية لعمومها وكمالها وهي باقية وصالحة للتطبيق مهما تبدلت الأمكنة ومهما تغيرت الأزمان ، كما وأنها كفلت للإنسان الحفاظ على ضروراته الخمس (الدين والنفس والمال والنسل والعقل) ، هذه الشريعة العادلة التي أقرت مبادئ وقواعد لم تكن تعرفها من قبل قوانين الدول الغربية مثل مبدأ (لا جريمة إلا بنص) وقاعدة (الأصل براءة الذمة) ونظرية (الظروف المخففة للعقوبة) هي الشريعة الغراء التي نحتكم إليها ونعتز بها ما حيينا. كل هذا نعرفه تمام المعرفة (ولا جدال فيه) ولكن يظل لولي الأمر كامل الحق في سن الأنظمة التي يحتاج إليها الناس في مختلف أوجه حياتهم الخاصة والعامة ، تلك الأنظمة التي يتم تشريعها لمواكبة المتغيرات والتطورات ، تلك الأنظمة التي تبين المبادئ والأحكام وتحدد الحقوق والواجبات وتوضح المخالفات والعقوبات ، وأمام أي من الجهات القضائية يتم نظر وحل المنازعات ، وسواء أكانت تلك الجهة القضائية محكمة أو كانت لجنة أو دائرة شبه قضائية ، فقد شدد النظام الأساسي للحكم ، بأن تطبق على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها ، فمتى يدرك ويعترف بهذا المبدأ أولئك الناس ، حتى يخف الحمل كثيراً عن المحاكم (العامة والجزئية) فتنظر فقط الدعاوى التي تقع تحت اختصاصها الولائي وتنجزها بالسرعة اللازمة ! هناك دوائر ولجان قضائية ، يكفي من مسماها أن يفهم الإنسان العادي الغاية السامية والنبيلة من إنشائها ومنها لجنة الفصل فى مخالفة نظام الغش التجارى ، ولجنة الفصل فى مخالفة نظام مزاولة المهن الصحية ولجنة الفصل فى منازعات الخدمات الكهربائية ، ولجنة الفصل فى مخالفة نظام الأنشطة المقلقة للراحة كل هذه اللجان وغيرها الكثير أنشأت لتنظر في مطالبات ودعاوى الناس في كل ما تختص به ولائياً ، فهل أدت اللجان والدوائر القضائية ما عليها من واجبات تجاه حماية حقوق الناس ومصالحهم الحيوية ؟! أم أنها لم تؤد ما عليها ولم تحقق الغاية التي أنشئت من أجلها ، لهذا فقد أولئك الناس ومن حولهم ثقتهم فيها وأصبح الواحد منهم ينشد المحكمة في كل صغيرة وكبيرة ليعرض مطالبته ودعواه عليها !؟