أتردد على المنطقة الشرقية منذ عام ونصف تقريبا بصورة شبه أسبوعية بحكم عملي الجديد في تأسيس صحيفة الشرق التي ستصدر قريبا ، ومنذ بداية العام الميلادي الحالي أصبحت مقيما تقريبا في المنطقة ، إذ لا أعود للعائلة في جدة إلا في الإجازات الأسبوعية أو حسب مقتضيات العمل ، وهذه مقدمة لاتهمكم لكني أوردتها كمبرر لما سأكتبه هنا عن المنطقة ، أي إنني أصبحت على معرفة جيدة بها. مدن المنطقة جميلة ومتقاربة ومتطورة ، والطرق التي تربط بينها مذهلة ، وكمَ الجسور على تقاطعات هذه الطرق يؤكد أنها حظيت باهتمام ودعم غير عاديين ، وقد زرت عددا منها ، لكني على معرفة بمدن الدماموالخبروالظهران تسمح لي بتسجيل بعض الانطباعات عنها ، ولو أردت أن أرتبها جمالا وأناقة ونظافة لوضعت الخبر في مقدمة الثلاث والدمام آخرها ، ولعل الفرق بين الخبروالدمام على سبيل المثال هو الفرق بين الصبا والشيخوخة. وإذا كنت مثلي تشعر بأن مداخل المدن هي وجوهها التي تعطيك الانطباع الأول إيجابا أو سلبا ، فإن مدخل مدينة الدمام للقادم من المطار يشعره بأن هذه المدينة لابلدية فيها ولامرور ، أما إذا تجولت داخل المدينة فإنك ستجد مايعزز هذا الانطباع ، على الرغم من أن تخطيط المدينة مريح ومنظم ، وهو ما يوحي بأن لشركة أرامكو دورا بارزا فيه ، لكن حفر الشوارع وسوء سفلتة ورصف كثير منها ينبئانك عن مستوى جهود البلدية ، ولاتنس النظافة ، ثم لا تحاول سؤال أهل المدينة عن رأيهم في خدمات البلدية ، فلن تسمع إلا النقد والشكوى ، وأحدهم قدم لي صحيفة اليوم في الأسبوع الماضي قائلا: اقرأ هذا الموضوع لتعرف إن كان لدى البلدية تخطيط أم أنها تشتغل بالبركة وخبط عشواء. الموضوع نشر يوم الاثنين قبل الماضي ويتضمن شكوى أكثر من خمسين مواطنا في أحد أحياء ضاحية الملك فهد من أن البلدية منعتهم من البناء في أراضيهم التي يملكونها ، وذلك بسبب وجود هذه الأراضي في حرم كوبري الملك سعود ، والصحيفة أوردت شكوى مواطنين من تضارب قرارات الأمانة منذ أكثر من عام ونصف بهدف تعويضهم بأراض بديلة ، ورئيس بلدية غرب الدمام قال إن الموضوع بالكامل أحيل لقسم التخطيط العمراني بالأمانة ، هذا القسم الذي فيما يبدو لايدري أن هذا المخطط الذي اعتمدته الأمانة قبل بيعه منذ سنوات أن جزءا منه يقع في حرم كوبري ، وبالتالي هات يا ترقيع ويا تسويف على حساب المواطنين ، الذين يريدون الدخول في طابور القرض العقاري ، والأمانة تقول في المشمش ، ومشمش أمانة الدمام لايتوقف هنا. فمع أن مدينة الخبر التي فازت منذ سنوات بجائزة أجمل أو أنظف – لا أتذكر – مدينة عربية وهي جديرة بالصفتين ، إلا أن هناك من يقول إن هذه المدينة التي تعتبر ضمن المنطقة الحضرية لأمانة الدمام لا تنال من مشاريع الأمانة إلا الفتات ، لأن معظم المشروعات تذهب لمدينة الدمام ، ثم لا يتم إنجازها في الأوقات المحددة لتلحق الدمام بمستوى الخبر أو حتى الظهران ، بحكم أن هذه الأخيرة أصغر ، وهذه الحال تتطلب توضيحا معلوماتيا مفصلا من أمانة الدمام ، لأن الناس يتحدثون عن ذلك بدهشة! بقي أن أعطي موقفا فيه طرافة لكنه يتماس مع دور بلدية الدمام ، فقد قادتني ظروف العجلة والجوع إلى دخول أحد المطاعم شبه الشعبية على شارع رئيسي لتناول طعام الغداء بسرعة ، وبالصدفة كنت محتاجا إلى دورة مياه – أكرمكم الله- فقيل لي لا توجد ، فاستغربت ، وغادرت احتجاجا ، وانتقلت إلى مطعم آخر وثالث وعاشر ، حيث تحول الأمر عندي من حاجة إلى فضول ، وكلها نفس الحال وكلها مرخصة من البلدية. فكرت أن أتصل بالزميل محمد الوعيل رئيس تحرير اليوم من باب يواسيك أو يسليك أو يتوجع ، لكني تراجعت بعد أن تذكرت وعيده وتهديده لي إن كنت في الشرقية ولم أخبره ، فسأكون في مرمى نيرانه ، فاخترت الصمت والتعجب والفندق خير لو أنني كنت أعلم.