في تلك الليلة الملبدة سماؤها بالغيوم, عانقتْ أناملي زمام قلمي، واسترسلتْ في الكتابة ؛ لتقول لأولئك المثبطين: إننا حين نكتب .. لسنا عابثين كما تزعمون ! حين نكتب فإننا نكتب لنفتش عن أبجديات نعبر بها عن تلك الذوات التي أضعناها ، والتي نحلم باستردادها ، بكل ما فيها من براءة الطفولة ، وجمال الفتوة. حين نكتب فنحن ننقش جراحات أمتنا على صدورنا ، ونؤرخ لقضاياها ، وندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة خطابية وأسلحة بلاغية. حين نكتب فنحن نكتب لأجل أن نعيد ترتيب تلك الأحلام الجميلة التي بعثرتها السنون ! حين نكتب فإننا نكتب لنبعث في تلك القلوب المحبطة خفقة أمل ؛ علّها تعينهم على العيش بتفاؤل وسعادة. حين نكتب فنحن نوجه رسالة للوجود كله - ونخص المثبِّطين - بأننا لا زلنا نستنشق عبق السعادة ؛ لا زلنا نكتب لأجل طموح نتطلع إليه. حين نكتب فإننا نصرخ في وجه الألم ؛ لنقول له: ما زال (وميض الأمل) رفيقنا ؛ ولأجله -فقط- سنكتب.