صرخ الراعي ذات صباح مستغيثاً أهل القرية لتخليص ماشيته من الذئب ، فهبوا لنجدته ، وتكرر منه ذلك الصراخ في اليوم الثاني والثالث ، وفي كل مرة لا يجدون الذئب ، ولكن الذئب كان له بالمرصاد في اليوم الرابع فهجم على الماشية هجوماً شرساً ، فصرخ الراعي الذئب الذئب ، ولكن لم يهب أحدٌ لنجدته لأنه استمرأ الكذب عليهم والسخرية بهم واستغفالهم فلم يعد يصدقه أحد فكانت النتيجة خسارة عدد كبير من الماشية وفوق ذلك خسر مصداقيته ومكانته بين أهل قريته . هذه الحكاية تنطبق على التصريحات الأمريكية تجاه محاربة الإرهاب وإرساء دعائم السلام ، ولو تتبعناها لوجدناها ذات شبه بصراخ الراعي . فالعالم كله يمسي على تصريحات أمريكية رنانة وقوية ضد محاربة الإرهاب وتوطيد أركان السلام مما يبعث الأمل على بزوغ عهد جديد من التقارب بين الشعوب والمحبة والوئام ، ومستقبل زاهر للأجيال القادمة في ظل الرخاء والسلام ، ثم يأتي الصباح بفواجع وجرائم تنهش في أجساد الشعوب وبلدانهم بدم بارد إسرائيلي أمريكي ، فتزرع أسباب الإرهاب وتنشره ثم تدعي استغفالاً محاربته ، وهكذا يجري الحال وتمر السنون والأيام ولا جديد في الأمر . التصريحات الأمريكية عموماً هي جزء من خدعة تمثيلية تعتمد عليها السياسية الأمريكية التي لا يشاهد فصولها ويتفاعل مع أحداثها ويصدقها إلا بعض المساكين العرب ، الذين يقومون بتلميع وتسويق تلك التصريحات ، لتنام الشعوب نوماً مغناطيسياً ، فيطيرون بها فرحاً ، كما طار ذلك الراعي فرحاً حينما خدع أهل القرية كلهم بحكاية الذئب . ثم كانت النتيجة له مفزعة مفجعة ؟! وعملية السلام ومحاربة الإرهاب كلاهما كذبة وخدعة أمريكية منذ بداياتها فأوباما رغم تصريحاته حيال السلام إلا أنه لا يملك من أمر إسرائيل مثقال ذرة ، ولا يستطيع تغير الواقع ، كغيره من الرؤساء الأمريكيين برغم أنه يرأس أقوى دولة في العالم عسكرياً واقتصادياً وتأثيراً سياسياً ، ولكن ليس من صلاحيته الضغط على إسرائيل ، فأمامه خطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها ، بل ليس مسموح له بالاقتراب منها ، فتصريحات أمريكا تجاه السلام والضغط على إسرائيل هي لمجرد الاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون ومن قبيل المثل القائل (كلام الليل يمحوه النهار). صحيح أنه من زبدة ولكنها تسيح مع أول ملامسة لحرارة المصالح الإسرائيلية . إسرائيل لم تكن قادرة على جرائمها وصلفها وبلطجتها ومروقها على النظام العالمي ، لو لم تدعمها سلطة قوية تنفذ من خلالها ، وهذه السلطة تشير الوقائع والظروف والأحداث أنها تنبع من كونها عصا قوية وذراع طويل لأمريكا في الشرق تخوف به المسلمين بطريقتها الخاصة وتهدد بها مصالحهم وتقض مضاجعهم وتبدد ثرواتهم وتبعثر بها خططهم وتقدمهم نحو النهضة الشاملة ، فكم من مؤتمر عربي عقد من أجل فلسطين ؟! وكم من حملة إغاثة نفذت لترميم جرائم إسرائيل في فلسطين ؟! وكم من خلافات نشأت بين الزعماء العرب من أجل فلسطين .!؟ وكم من زمن قضيناه في البكاء على فلسطين مما يصيبها من هذا العدو الحقير ، فلم تنفع الدموع ولا القصائد ولا المقالات ولا المؤتمرات وكم من خطط تنموية وصناعية التفت عنها العرب من أجل فلسطين ومع كل ذلك بقي العدو رابضاً وجاثماً على صدر الأرض الفلسطينية بدعم أمريكي لا محدود ؟! إن الواقع يدل على أن التصريحات الأمريكية هي خدعة ولعبة متفق عليها بين الأم في واشنطن والبنت غير الشرعية في تل أبيب ومجرد استهلاك فاضح ومعالجة فاشلة لأهداف معينة ، ومحاول غبية لنفي التحيز التي لا يمكن أن تنفيها مثل هذه التصريحات أو تقلل منها تلك العبارات . ولنأتي إلى واقع لا يكذب ولا يجامل ، ولنساءل هل أمريكا قد وافقت يوماً ما على قرار دولي يدين إسرائيل ؟!. وهل دعت يوماً إلى وضع عقوبات معينة على إسرائيل ؟! وهل طالبت يوماً بمقاطعتها وتحجيم قدرتها النووية ؟! ، وهل هددتها يوماً بإيقاف دعمها العسكري ، والتخلي عن الوقوف بجانبها وتأييدها في كل جرائمها البشعة ؟!. وهل دعت مجلس الأمن للانعقاد لبحث جريمة ارتكبتها إسرائيل أو لخروجها عن القانون الدولي ؟! والجواب المؤلم يأتي بالنفي ويؤكد أن أمريكا تسير على خطى إسرائيل حذو الخطوة بالخطوة فتتجه حيثما تتجه إسرائيل ، ولن تكون يوماً ضد المصالح الإسرائيلية ، ومن يقول بغير ذلك إما واهم لا يعلم ما يحيط به ولم يدرك الوقائع والشواهد السابقة ، ولا يستطيع الربط بين الأفعال ونتائجها وبين الأمور ومقاصدها . أو أنه أعمى ومتحيز إلى السياسة الأمريكية الإسرائيلية ، وإلا فكيف يمكن تصديق التصريحات الأمريكية في ظل دعهما الكامل لكل ما تفعله إسرائيل . لقد أثبتت الأحداث أن أمريكا لا تهتم كثيراً بالقيم والمبادئ الأخلاقية بقدر اهتمامها بما يخدم سياستها الراسخة في بسط نفوذها وهيمنتها وحسب ، مهما كان في ذلك من انتهاك للمبادئ والقيم والأعراف الدولية فممارستها للكذب والخداع ليس عيباً في قاموسها السياسي ، ومن هنا فعلينا أن لا نعول كثيراً ولا قليلاً على أمريكا في حل قضايانا المصيرية . والمشروع العربي المزمع تقديمه لمجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بحظر الطيران على قطاع غزة فإن هذا المشروع لن ينجح ولن يصدر قرار ضد إسرائيل فأمريكا له بالمرصاد والفيتو جاهز من الآن ومن هنا فهل عرفتم الشبه بين صراخ الراعي وتصريحات أمريكا . اللهم عليك بأعداء الإسلام والمسلمين فإنهم لا يعجزونك .؟!