في جريدة (اليوم) .. الخميس ( 16 صفر 1432) .. صفحة عزيزي رئيس التحرير .. كتب المواطن .. علي أحمد الغزال .. من الأحساء .... ردا على مقال سابق لكاتبكم .. بعنوان [دلالات عميقة] .. بتاريخ الأحد (22-12-1431) .. معلقا .. على المقال المذكور .. بتساؤلات كثيرة ومهمة .. كان منها هذا السؤال: هل نترك نخيلنا تموت يا دكتور؟! سؤال صعب وقاس على النفس .. سؤال يدمي ملامح التاريخ الزراعي المتوارث .. ويعكر رؤية المستقبل الزراعي .. وأيضا يعبر عن الواقع الزراعي المؤلم .. ماذا تتوقعون أن يكون جواب كاتبكم؟! .. نستطيع ترميم انكسار رؤيتنا .. ببعض الكلمات .. لدعم الأمل والحث على التفاؤل .. ولكن هناك واقعا لا يعطي مجالا .. إلا لذكر الحقائق المرة .. ولكي لا يقع كاتبكم في حبال الكذب .. بتجميل القبيح .. أحاول سرد مؤشرات نعيشها .. لكي نقف على الإجابة بكل وضوح. وقبل الجواب .. أود توضيح بعض الملامح .. هناك خلط .. وأحيانا سوء فهم .. البعض لا يود أن يفهم إلا ما يرضيه .. ولا يرغب في تصديق الحقائق .. هذه الحقائق .. في أحيان كثيرة .. تشل قدرة الإنسان على الفهم .. لقوة الصدمة .. استنتاجاتهم متناقضة .. تحملهم في متاهات .. وسبب ذلك يعود إلى ارتباط الزراعة بالماء. نعرف أن الزراعة نشاط إنساني .. يتم توريثه .. ويصبح تراثا يعبر عن أجيال .. أما الماء فليس للإنسان أي جهد في وجوده .. كنتيجة ، يتجاهل الإنسان الماء وينشغل بنتائج جهوده .. وتعبه وشقاه .. المتمثل في الزراعة .. وهي جهود أجداده الذين مضوا .. يراهم في هذه الزراعة إنجازا وقناعة .. كنتيجة يرتفع مثل هذا السؤال. نعرف أن النشاط الزراعي يعتمد كليا على الماء .. هبة الله سبحانه .. ليس له ثمن .. وليس للإنسان أي جهد في وجوده .. فقط جهود استخراجه من باطن الأرض لنروي نشاطنا الزراعي .. وبزيادة مساحة هذا النشاط .. نرفع من سقف استخدام الماء .. لري مساحات جديدة .. وفي مراحل الغباء .. يصبح هذا على حساب المياه .. وهذا جرم يرتكبه البشر بحق أنفسهم .. خاصة في مثل مناطقنا الجافة .. حيث الماء ندرة .. عبر تاريخ مسيرة الإنسان في ربوعها. إذا كانت الزراعة جهدا ومالا يبذله الإنسان .. فإن هذا لا يتحقق إلا بوجود الماء .. كنتيجة يصبح الماء أرخص موجودا .. ولكنه يصبح أغلى مفقودا .. وعندها نقول: إذا فات الفوت لا ينفع الصوت .. مع الزراعة هناك شروط لا يمكن تجاوزها .. منها البيئة والماء .. مع غياب هذه الحقائق عن البعض .. يظهر مثل ذلك السؤال الجائر على النفوس .. وبالتأكيد هذا السؤال مطروح .. لكن الأخ علي الغزال .. استطاع إيصاله إلى مسامعنا. ذلك التساؤل يمكن أن يرد مع أي مقال لكاتبكم عن الزراعة والماء .. للناس طرق مختلفة للفهم والاستنتاجات يتوقف على كثير من العوامل .. وفي معظم مقالاتي .. أخاطب واضعي الخطط والسياسات المائية والزراعية .. كنتيجة ، قد يتم فهمها .. من آخرين .. بطرق مختلفة وفقا لعوامل كثيرة .. وقد يكون هناك استنتاجات بعيدة عن المقال .. لكن الفكرة واضحة في أي مقال لأصحاب الشأن .. وأشكر المواطن علي الغزال .. على إثارة هذا السؤال .. على الأقل جعلني أعود إلى الكتابة عن المياه والزراعة .. للتذكير والتوضيح والتبيان والنصح .. وهناك حقائق يتم تجاهلها بغباء .. تزيد الأمور غموضا وتعقيدا. من الحقائق الملموسة .. الواضحة .. التي بين أيدينا وأمامنا .. والتي لا يمكن لأي فرد التشكيك في صحتها .. يمكن استنتاج الجواب .. بل ويصبح سهلا واضحا كالشمس .. حتى وإن كان في مرارة العلقم .. الجواب: نعم نخيلكم ستموت .. مهنتكم الزراعية انتهت .. الخيار ليس بيدك .. أو بيدي , أو بيد الوزارة .. أو بيد أي مخلوق .. الموضوع خرج من أيدي الجميع .. وهناك من تسبب في الوضع .. هي قضية وقت فقط .. إن لم تتركها للموت فسيتركها أبناؤك .. أمر هذه النخيل أصبح عبئا .. وحملا ثقيلا على المزارعين .. هناك أجيال جديدة سيكون لديها حسابات مختلفة .. وإليك يا أخ علي الغزال .. جزءا من القصة. وزارة الزراعة خلطت الأوراق بشكل محير .. تجاهلت الأسر الزراعية التاريخية في جميع أنحاء البلد .. بل أذاقتهم مرارة التجاهل .. أضرت بهم ضررا تاريخيا فادحا .. لدرجة أن الزراعة كمهنة .. لم تعد موجودة أو أنها تحتضر .. تخلى هؤلاء المزارعون عن مهنة الزراعة .. لعدم قدرتهم على المنافسة .. وهذا أمر ناتج عن تصرفات غير حكيمة .. وغير طبيعية .. من قبل الوزارة .. شجعت رجال الأعمال .. والشركات .. والمؤسسات .. للاستثمار الزراعي .. على حساب مياه الوطن الجوفية .. والمهنة الزراعية لهذه الأسر .. ويستمر المقال بعنوان آخر.