يرى أحد أساتذة الإعلام السعودي ، وأحد أبرز خبرائه الرياضيين ، الدكتور هاشم عبده هاشم أن علينا أن ننظر إلى أوضاع الأندية قبل النظر إلى المنتخبات ، حيث سنجد أنها تعيش حالة (ترهل) و (اضطراب) و (أزمات) إدارية ومالية وفنية لا حدود لها ، وقد انعكست تلك الأحوال عليها جميعاً دون استثناء بصورة كبيرة وبصورة أقل ما يمكن أن توصف به أنها (فوضى عارمة). ويضيف في زاويته اليومية في صحيفة الرياض (إشراقه) تحت عنوان (حان وقت التغيير) : (أما بالنسبة للرياضة فإن مأسستها ، وخصخصتها لم تعد خياراً من بين خيارات عدة ، وإنما أصبحت خياراً وحيداً وضرورياً للنهوض بشؤونها والارتقاء بها إلى مستوى الطموحات التي يتطلع إليها الجميع ، وتتفهمها الدولة جيداً). فالرياضة لم تعد مجرد نشاط ترفيهي ، أو مظهراً من مظاهر التسلية وقضاء وقت الفراغ ، وإنما أصبحت مجالاً حيوياً هاماً لبناء عقول الشعوب وأجسادها ، والاستثمار الهائل فيهم كثروة بشرية غالية. ولعل الوقت حان لنهتم بالشباب وقضايا الشباب وهمومهم وتطلعاتهم بصورة مستقلة ، وبمعزل عن الرياضة ، لأن شؤون الشباب من الضخامة والتعقيد والاتساع والأهمية القصوى بحيث يجب أن نعيرها ما هي جديرة به. والدكتور هاشم عبده هاشم ، علاوة على كونه خبيرا سياسيا ، ورئيس تحرير صحيفة عكاظ لأكثر من عشرين عاماً ، فهو أحد الرعيل الأول الذين عملوا في الصحافة الرياضية ، وحللوا وكتبوا تاريخنا الرياضي ، وأذكر أن علاقته بالرياضة لم تنته حتى وهو رئيس للتحرير ، ولم أشعر يوماً من الأيام بانتمائه لناد ، أو ممارسة إقصاء ناد آخر. وقد تشرفت أن كنت أحد تلاميذه في عكاظ ، وفي بطولة كأس العالم أمريكا (94) ، وشارك بها المنتخب السعودي لأول مرة في تاريخه ، وكنت رئيساً للقسم الرياضي بالإنابة ، لتواجد الزميل خالد دراج رئيس القسم مع المنتخب موفداً من الصحيفة ، ومع أن المباريات كانت تقام بعد الواحدة والثانية من منتصف الليل ، وعلى الرغم من هذا الوقت المتأخر ، فقد كان الدكتور هاشم يتواصل معي عبر الهاتف من منزله يسأل ويتابع ويوجه ، بل كان شديد الاهتمام بالمنتخب ومبارياته ، لدرجة أنه كان يكتب لنا رؤية فنية قبل وبعد مباريات المنتخب في تلك البطولة العالمية. ولا شك أن هؤلاء الخبراء هم خير من يمكن الاستعانة بهم وبآرائهم وأفكارهم التي مازالت تتجدد رغم توسع الاهتمامات ، ولا سيما في المرحلة المقبلة التي ينتظر الرياضة السعودية فيها عمل كبير مؤسسة رياضية ، واتحاد كرة قدم ، انطلاقاً من فكرة الرئيس العام ، الأمير نواف بن فيصل بتنظيم مؤتمر رياضي ، أو ورشة عمل للخروج بتصورات مستقبلية للرياضة السعودية. ولذلك سأكتفي بالدعاء للأمير نواف بن فيصل ، وأسأل الله له العون والتوفيق على مهمته ومسؤولياته الكبيرة أولاً ، وهو جدير بثقة ولاة الأمر (حفظهم الله) ، وأدعو له أيضاً أن يعينه الله على من يتحدثون في الليل والنهار ، حتى أصبح كل من يحمل صفة إعلامي ، يفتي في أمور كرة القدم السعودية ، سواء من خلال الصحف اليومية ، أو البرامج الرياضية ، وما أقل الذين يقولون كلاماً مفيداً. ولأول مرة أتمنى لو أن الإعلام الرياضي بكل تنوعاته يقع تحت مسؤولية الرئاسة العامة لرعاية الشباب ، لاقترحت على الرئيس العام إجراء (اختبارات قياس) لكل منتم للإعلام الرياضي ، بحيث لا يمنح درجة الانضمام إلى هذه المهنة إلاّ كل من يستطيع تحقيق الدرجات المطلوبة في الثقافة العامة ، وتغليب لون الوطن على ألوان الأندية ، لكني أعلم أن تلك مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام ، إلاّ أن الوزارة (معطية ظهرها) للموضوع ، ورمت بالمسؤولية على رؤساء تحرير الصحف ، وهو ما جعل كتاب الرأي الرياضي أكثر عدداً من المحررين والمراسلين ، بل إن بعض الكتاب يخجل أن يتحول إلى مراسل ، أو كاتب خبر أو تقرير. ولعلنا نخطئ كثيراً إذا تصورنا أن الرئيس العام لرعاية الشباب ، الأمير نواف بن فيصل ليس على علم بأدق تفاصيل كرة القدم السعودية ، والرياضة في الوطن بصورة أشمل ، لكنه بحاجة إلى فكرة تحمل رؤية جديدة ومتجددة ، وتكون بعيدة عن انتماء لناد ، أو بهدف تصفية حسابات مع أطراف أخرى ، وقبل ذلك هو بحاجة إلى أن نتركه يعمل ويخطط.