** لا أظن أن (حل) لجنة التطوير.. وحتى اتحاد كرة القدم.. وتسريح اللاعبين الحاليين.. سيكون كافياً لمعالجة أوضاع كرة القدم بصورة خاصة.. والرياضة -في بلادنا- بصورة عامة.. وذلك بعد أن أظهرت دورة الخليج العشرون في اليمن.. والبطولة الآسيوية الحالية في الدوحة.. أننا نعدم الفكر الرياضي الخلاق.. كما نعدم المنهجية العلمية.. والعقلية الاحترافية.. ونحتكم في كثير من خططنا وبرامجنا للاجتهادات.. وفي قراراتنا للعاطفة.. وفي اختياراتنا لاعتبارات غير مهنية.. ** وما ظهر به المنتخبان.. منتخب دورة الخليج.. ومنتخب البطولة الآسيوية وما سبقهما.. وما رافقهما.. وأحاط بهما ليس هو إلا انعكاسا للحالة العامة التي تعيشها الرياضة لدينا بالرغم من البطولات البسيطة التي حققنا.. أو المراكز المتقدمة التي أحرزناها في بعض الالعاب الأخرى.. كالفروسية وألعاب القوى وذوي الاحتياجات الخاصة. ** وعلينا أن ننظر في أوضاع الأندية قبل النظر إلى المنتخبات.. حيث سنجد انها تعيش حالة (ترهل) و(اضطراب) و(أزمات) ادارية.. ومالية.. وفنية لا حدود لها.. وقد انعكست تلك الأحوال عليها جميعاً دون استثناء بصورة كبيرة وبصورة أقل ما يمكن ان توصف به انها (فوضى عارمة).. ** فالمستوى الفني للاعبين في تدهور مستمر.. ** والأوضاع المالية في أسوأ حالاتها.. ** والنواحي الادارية والتنظيمية تتم بعشوائية متناهية.. ** والبيئة الداخلية العامة لا توفر الحد الأدنى من الاستقرار أو الانضباط.. أو الجدية.. ** وعوامل التخطيط.. والهيكلة.. والتنظيم.. لا وجود لها ألبتة.. ** فالأمور بها تُدار بصورة مزاجية، وفي إطار (الشللية) المقيتة ببعض اللجان وليس وفقاً لأي معايير علمية مدروسة.. وموضوعية.. ** فإذا كان هذا هو حال الأندية.. فإن من الطبيعي ان يكون هذا أيضاً حال جميع المنتخبات والفرق والمجموعات التي تمثلنا في المحافل الاقليمية والدولية.. ** وعندما يغيب التخطيط، وتحضر الفوضى.. ويختفي المنهج العلمي وتحل محلهما (الأهواء) والاعتبارات الخاصة والشخصية.. فإن النتيجة الطبيعية هي ما نراه.. ونشهده.. ونشعر معه بأن الوضع لم يعد يحتمل الانتظار.. ** فكما شملت المراجعة والتصحيح أوضاع القضاء.. والتربية والتعليم.. والاقتصاد.. ** وكما طالت وتطال كافة الأجهزة الحكومية دون استثناء لإحداث التغيير المناسب في إدارة مختلف أجهزة الدولة وقطاعات العمل فيها.. فإنها لا بد وأن تشمل أيضاً قطاع الرياضة والشباب.. ** ولعل الوقت قد حان لكي نهتم بالشباب وقضايا الشباب.. وهموم الشباب.. وتطلعات الشباب بصورة مستقلة.. وبمعزل عن الرياضة.. لأن شؤون الشباب من الضخامة والتعقيد والاتساع والأهمية القصوى بحيث يجب ان نعيرها ما هي جديرة به من اهتمام شامل وكامل وحكيم.. ** أما بالنسبة للرياضة فإن مأسستها.. وخصخصتها لم تعد خياراً من بين خيارات عديدة.. وإنما أصبحت خياراً وحيداً وضرورياً للنهوض بشؤونها والارتقاء بها إلى مستوى الطموحات التي يتطلع إليها الجميع.. وتتفهمها الدولة جيداً.. ** فالرياضة لم تعد مجرد نشاط ترفيهي.. أو مظهراً من مظاهر التسلية وقضاء وقت الفراغ.. وإنما أصبحت مجالاً حيوياً هاماً لبناء عقول الشعوب وأجسادها.. والاستثمار الهائل فيهم كثروة بشرية غالية.. ** وما نراه في نادي برشلونة ونادي ريال مدريد الاسبانيين .. أو في أندية مانشستر يونايتد وليفربول والارسنال والمانشستر ستي وغيرها من الأندية البريطانية أو الالمانية أو البرازيلية والأرجنتينية يؤكد ان الرياضة أصبحت قيمة عليا.. ومصدر من مصادر قوة ومتانة الاقتصاد الوطني.. وليس كما هو الحال لدينا.. حيث لا يستطيع اللاعب أو المدرب أو طبيب النادي استلام استحقاقاتهم الشهرية بانتظام لحالة الافلاس التي هي عليها نتيجة تدهور أوضاع الأندية المالية والادارية والفنية.. ** يحدث هذا بالنسبة للأندية الكبيرة، أما الصغيرة فإن الحال بها مؤلم ومحزن ومأساوي.. ** وما حدث لمنتخبنا أمام المنتخبين السوري.. والأردني.. وما سيقع له مع المنتخب الياباني اليوم.. هو تجسيد لهذا الحال البائس.. وهو نتيجة طبيعية للوضع الراهن الذي تعيشه الرياضة ويتطلب علاجاً جذرياً وعميقاً.. ** ولا أعتقد ان تطور المملكة الكبير.. ومكانتها في المجتمع الدولي.. وطموحات شعبها.. تستحق تردي الأوضاع الرياضية أكثر مما هي عليه الآن.. ** وبالتأكيد فإن ذلك كله ليس بعيداً عن إدراك الأمير نواف بن فيصل بن فهد الذي عين يوم أمس الأول رئيساً عاماً لرعاية الشباب.. ** كما أنه سوف لن يكون بعيداً عن ذهن ولي الأمر.. الذي يتطلع لأن يرى قطاعي الرياضة والشباب في أحسن أحوالهما.. وفي مستوى العطاء الكبير والمفتوح الذي تقدمه الدولة لهما.. ** وبالتالي فإننا لا نحتاج إلا إلى الشجاعة التامة لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح.. لأن وزن المملكة وسمعتها وقيمتها وتاريخها جديرون بأن تدفعنا إلى تصحيح هذا الوضع المؤلم بأسرع وقت ممكن. ××× نقلا عن الرياض