وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنه=نازعتني إليه في الخُلدِ نَفسي كنت ولا أزال وسأظل .. أرى أن من بين أهم مقدرات هذا الوطن الشامخ (إن لم تكن أهمها على الإطلاق) هي قيمة الوحدة الوطنية لمعظم مكونات نسيجنا الوطني التي أرسى دعائمها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (رحمه الله وطيب الله ثراه) هذه الوحدة التي تأتي كقيمة يجب علينا جميعاً دون استثناء أن نرفعها إلى أقصى مراتب الإجلال .. بحيث تأتي جميع اختلافاتنا وائتلافاتنا في مرتبة ما دون تلك المكانة السامية التي تتربع عليها قيمة وحدة هذا الوطن الكبير.. هذه المقدمة أعلاه .. أسوقها توطئة سريعة ومهمة لموضوع هذا المقال الذي أكتبه مدفوعاً بأمرين : أولهما تلمس مكامن خطورة التعريض بكيانات هذا الوطن العظيم دون استشعار مسؤول لتبعات ذلك التعريض التي قد تصل إلى المساس بمنجز الوحدة الوطنية .. وهذا ما تكشف عنه تعقيبات أحد المواقع الإلكترونية التي بلغت أكثر من (300) تعقيباً تكشف بوضوح حساسية الوضع عندما أخذ أبعاداً وطنية غاية في الخطورة من حيث البعد المناطقي.. أما الأمر الثاني فهو أمانة الشهادة التي اقتضاها الموقف .. عندما أجد نفسي شاهداً عاش وعايش تطور الجامعة منذ أكثر من ثلاثة عقود ؛ الأمر الذي يحتم على كل مخلص أن يقول قوله في مثل هذه المواقف .. فالمواقف هي المحك الذي يبرهن على أن الرجال قيمة لا تكشفها سوى المواقف .. رغم وعورة السير عبر كهوف خفافيش الظلام وأعداء النجاح ومحاولة إعاقة نماء وطننا .. وطن الشموخ .. لقد تخفى كاتب مقالة (المحسوبية والمناطقية في جامعة الإمام!) تحت اسم مستعار وهو (زاهد مسلم الحدادي) ، أما أنا فلن أحتاج إلى التخفي ، بل سأكتب باسمي الحقيقي .. ليعلم القارئ الحقيقة التي غابت عنه .. حقيقة لا أكتبها بغية الدفاع عن شخص مدير الجامعة أو التملق أو المحاباة ، فلا حاجة لي بها ولا حاجة له في أن يُدافع عنه .. أعلم جيداً أن الكاتب قصد إساءة الظن في مدير الجامعة وكال له الاتهامات ، ولا يراودني الشك في أنه سيتهم كل من أراد قول كلمة الحق ، كيف لا وهو اختار طريق الظلم والباطل. ولعل ما شجعني على الكتابة أيضاً هو أنني لست من البكيرية ولا من القصيم ولا من نجد ؛ الأمر الذي زاد استيائي من مقالة الكاتب كما استاء منه غيري من منسوبي الجامعة ، مثلما استاء منه كل وطني غيور صادق .. فالكاتب لم يتجن فقط على مدير الجامعة ، بل إن ما كتبه يعد تعدياً صارخاً على جميع منسوبيها .. وفوق هذا تعدياً أرعن على مؤسسة وطنية مخلصة معطاءة.. إن المتأمل فيما ذكره الكاتب ، يجد أنه أغفل كل ما تم إنجازه في جامعة الإمام خلال السنوات الماضية ، سواء كان ذلك على المستوى العلمي أو الإداري أو حتى المستوى الإنشائي ، ولست هنا بصدد سرد الإنجازات التي تمت في الجامعة داخلياً وخارجياً ، إذ لا يتسع هذا المقال لذكرها ، إلا أنني على ثقة أن الجميع يشهد القفزات الكبيرة التي قفزتها الجامعة سواء كان ذلك على مستوى التصنيفات العالمية ، مروراً بترؤس مديرها للمجلس التنفيذي لاتحاد جامعات العالم الإسلامي ، إلى عقد العشرات من الندوات والمؤتمرات والندوات العلمية والوطنية ، إلى افتتاح العديد من الكليات والأقسام العلمية والمعاهد والمراكز الدولية ، التي جعلت من الجامعة صرحاً عالميًّا شامخاً يشار له بالبنان .. ولم يكن ليتأتى ذلك لولا فضل الله (أولاً) ثم ما توليه القيادة الرشيدة من دعم متواصل للجامعة ، وما يوليه مديرها من جهود دؤوبة في النهوض بها. وحسب تلك الإنجازات أن تتحدث عن نفسها. إلا أنني أتساءل .. لماذا تجاهل الكاتب جميع إنجازات الجامعة واكتفى بسرد أسماء بعض قيادات الجامعة من مدينة (البكيرية) على فرض صحة ذلك ولو من بعيد؟ وأؤكد هنا أن الكاتب ظلم مدير الجامعة وظلم نفسه ، فكما ورد في رد الدكتور عبدالله بن ثاني ، الذي يمكن الرجوع إليه تحت عنوان (لسنا مناطقيين وما ذكر شنشنة نعرفها من أخزم) ، على إحدى الصحف الإلكترونية ، وكما ورد في رد عبدالله بن عبدالرحمن الهذلول - جامعة الملك سعود ، أن معظم تلك الأسماء ليست من البكيرية .. وإن كان قصد الكاتب أن تلك الأسماء من القصيم أو من نجد ، فما الغرابة في ذلك؟ أليست الجامعة في العاصمة الواقعة في وسط المملكة ، التي يعد معظم قاطنيها من نجد؟ فالأمر (بالنسبة لي ولكل عاقل منصف) هو نسبة وتناسب .. أنتوقع أن تكون غالبية قيادات جامعة الملك عبدالعزيز أو جامعة الطائف من نجد (مثلاً؟) فضلاً عن أن شرط أهلية أولئك المعينين يبرر تعيينهم .. ورغم هذا نجد أن جميع المناطق ممثلة في إدارة جامعة الإمام ، سواء كان ذلك في مجلس الجامعة أو من خلال وكالات الكليات أو رئاسة الأقسام العلمية أو الإدارات الأخرى في الداخل والخارج أو المجالس واللجان العليا والتنفيذية .. ولكن الكاتب يعلم جيداً أن إثارة موضوع بهذه الحساسية سيضرم النار ويثير البلبلة بين أوساط القراء ، وذلك لعدم اطلاعهم على واقعها من الداخل .. وهذا ما حققه الكاتب. إن ما أثير من بلبلة حول التعيينات في جامعة الإمام لم يقصد به (الأكاديمي المزعوم) سوى ذر الفتنة وإيقاد جذوة العنصرية بين أبناء الوطن .. ولعلي ألفت نظر القارئ الكريم إلى أن هنالك العديد من المغالطات والافتراءات التي وردت في مقال (زاهد) ، ولعلي أذكر منها قوله بأن الدكتور عبدالعزيز العُمري (عميد مركز دراسة الطالبات) ، من البكيرية ، وفي حقيقة الأمر أنه من منطقة الباحة وبالتحديد من قبيلة (بنو عمر الأشاعيب من قبيلة زهران وقد سكن منطقة الشرقية) ، إلا أن التشابه بين اسمه وعائلة (العُمري) القاطنة منطقة القصيم (وبالذات في بريدة) ، أعمى عين الكاتب فأضافه إلى القائمة .. بل إن أحد المعقبين على تصريح الدكتور عبدالله بن ثاني الذي استشهد باسمي (محمد العلم - من منطقة الباحة) ، لم يصدق ذلك وفسره دفاعاً عن مدير الجامعة .. وهذا يؤكد أن بعض القراء وقعوا في فخ الكاتب الزاهد! أي سطحية وأي تجن هذا يا من أسميت نفسك بالزاهد .. ابن المسلم؟ سيسألك الله عن كل حرف خطه قلمك وضللت به القراء يوم تجتمع الخصوم عند العزيز المقتدر. إن وجود أعداء للنجاح هو أمر نعيه جيداً ، كما نعي أن الوطنية أصبحت عند الكاتب (الأكاديمي المزعوم) شعاراً يحقق من خلاله تصويب سهامه نحو من لم يتوافق ومبادئه وتوجهاته ورؤاه. إن من الطبيعي أن نجاح مدير الجامعة في دحر ذوي الفكر الضال من خلال تطبيق المنهج الوسطي الذي دعا إليه ولاة الأمر سيجعله هدفاً سهلاً لخفافيش الظلام وأعداء النجاح الذين امتلأت قلوبهم حقداً وضغينة ، فلا زلت أتذكر حينما عملت في الإدارة في فترة مديري الجامعة السابقين لم يسلم أي منهم من النقد والتهم والتشكيك ، ولا أعتقد أن الدكتور أبا الخيل أوفر حظاً منهم ، فها هو التاريخ يعيد نفسه ، وها هي الفئة ذاتها يستشري وباؤها. وقبل الختام .. كم تمنيت لو أن كاتب ذلك المقال المتخفي عبر الأقنعة الخفاشية قد اختار طريقاً سليماً لإيصال رأيه وصوته عبر إحدى صحفنا الرسمية المعروفة وباسمه الصريح ، فنحن كل يوم نقرأ نقداً وتوضيحاً وتوجيهاً لمختلف مؤسساتنا الوطنية الرسمية والخاصة ، دون أن يضيق أحد ذرعاً بذلك النقد .. بل هذا هو منهج قادتنا وولاة أمرنا (حفظهم الله) عندما يؤكدون دوما أننا جميعاً شركاء في بناء هذا الوطن .. وأن النقد الهادف البناء ضرورة وطنية ملحة .. أما نقد العواطف والضغائن والأغراض الشخصية وتصفية الحسابات الشخصية .. فلا مكان له إلا في دهاليز الخفافيش وأوكار أعداء النجاح.. ختاماً ، بوصف جامعة الإمام مؤسسة وطنية علمية مخلصة وكذلك الدكتور أبا الخيل .. ليسا في حاجة إلى من يرد عنهما أو أن يدافع عنهما .. فميدان العلم والعمل وبمختلف الجهود والعطاءات خير شاهد .. وما تحقق من إنجازات في داخل الجامعة وخارجها شاهد حي ومثال كبير على تميزهما وحبهما لهذا الوطن ولأبناء هذا الوطن .. حفظ الله وطننا وقادته وكل مخلص له من كيد الكائدين وحسد الحاسدين.