هناك يغنون احتفالا بموسم المطر ، بهجة بماء السماء ، احتفاء بتساقط الشتاء .. غيمة/ غيمة ، قصيدة/ قصيدة .. (شتي يا دنيا .. ت يزيد موسمنا ويحلى تدفق مي وزرع جديد بحقلتنا يعلى ..) هنا يرتعدون هلعا مع كل بارق برق ، أو هزيع رعد أو مرور غيمة داكنة مثقلة بالخوف والمطر! هناك (تشتي الدني) وتورق الأرض ، وتزهر الحدائق ، وتثمر جنان الدنيا .. وتبتل أوراق العشاق .. (وتشتي الدني .. ويحملوا شمسية ، وآنا بأيام الصحو وماحدا نطرني) ! هنا يرددون وهم ملطخون بفوبيا المطر: (اللهم حوالينا ، ولا علينا) ، وهم مؤمنون أن المطر سيدمر الحياة ويوقف نبضها ويغرق أرضها؟! هناك تمطر الدنيا ، فتنهض الغبطة من غفوتها المستفيقة .. وهنا (تمطر السماء) فتكف الأرض عن الدوران! هناك (يا دنيا شتي ياسمين ..) وهنا .. (ما ندري من إيش خايفين .. وعلى إيش خايفين؟!) هناك احتفالات بقدوم السنة الجديدة ، لغة الفرح تتشكل في كل الأرجاء ، وأناشيد الجمال تتعالى من كل الأفواه ، والحناجر تعلق حبالها الصوتية على غناء باذخ التفاؤل ، مهرجان الورد يجوب طرقات العالم الخالي من العقد والتأويلات! (وهديتني وردة .. خبيتا بكتابي فرجيتا لأصحابي زرعتا علمخده) وبين هطول المطر ، واغتيال الورود قصص من القهر ، وحكايات مكللة بالحزن والأسى. *** في استطلاع إذاعي في برنامج صباح النور يا بلدي بإذاعة جدة كان موضوعه (تحذيرات هيئة الأرصاد وثقافة المجتمع) ، كان المذيع وضيفه يؤكدان على أن المواطنين والمقيمين لو أنهم التزموا بهذه التحذيرات ولم يخرجوا من منازلهم قبل أو أثناء أو بعد هطول الأمطار فلن يتعرضوا للخطر ، ولكن ماذا لو كانت بيوتهم البدائية في مهب السيل على غرار سكان الكثير من الهجر والمنافي المترامية على امتداد الشريط الساحلي المنكوب شتاء وصيفا ، أو من هم يسكنون بطون الأودية في أرقى المدن والمحافظات .. ويكفي؟! *** خارج النص: اذا كان وجهك غيم ، وصمتك ماء .. فمتى يجيء المطر؟! (أحمد البوق)