كتب لها وهو متعب مجهد متنقلا بين سريره في بيته وسريره الذي زاره منذ أربعة أيام في المستشفى . مساء الخير المتدلي بلباسه الحاني ليؤنس بسكونه وهمسه ودفئه ليالي العاشقين ، مساء كله أحلام الأمنية , ورؤى الحقيقة بين ورود الأماني ، مساء يعزف فيه الساهرون ألحان الوفاء ، ليسمعوا صوت أغاني المخلصين من خارج الأسوار حيث يفصل بيني وبينك. أرسل عبر حروفي تهنئتي بيوم ميلادكِ . في هذه الليلة الماسية المضيئة بقمرها الساحر للكون كسحركِ .. ليلة صباحها أشرق بقدومكِ .. هذا التاريخ الذي جاء بكِ إلى الحياة الفسيحة _ الضيقة . الكبيرة _ الصغيرة . السعيدة _ التعيسة . الجميلة _القبيحة . ولكل واحد منا تاريخ جاء به ليأخذ كل إنسان ما يحلو له منها , فيتجمل إن شاء بجمالها , ويسعد إذا أراد بسعادتها ويتنفس حين يريد من أنفاسها العميقة ما يريد . ويرتقي إن شاء إلى أبراج السموات سمواً في جسده وروحه , أو يهبط إلى الأعماق ... أرسل مشاعر حانية وكلمات صادقة , وجملا لم يعد تستهويني من ورائها رداً عليها أو طلب لمسايرتي في ألفاظها ومعانيها لكني أبرهن من خلالها أنه مهما غسق الليل وأشتد الظلام وقال الكون كله أن لا صباح ولا ضياء , فإن من بين ركام هذا التحدي يسير نجماً متلألئً في السماء نحو الشروق ينادي شمس الأمل _ أن اسطعي وبددي الظلام وردي عليهم كلهم أن بعد الليل صباح .. و أن بعد العسر يسرا ، وأبرهن أن الناس بما يحملون من حب سواء الحب العام للكون والحياة أو الحب الخاص لمن يهوون ، ويعشقون فإنهم لا ينقرضون من هذه الحياة . إن الحياة فيها من المخلصين من لو خيروا بملكوت الأرض كلها على أن يخونوا أو يكذبوا أو يمكروا أو يعودوا إلى مراكب ال لا نجاة وال لا أمل ، ما فعلوه أبداً ، واضعين نصب أعينهم ما قاله نابليون حيث قال : (أحرق كل مراكب العودة ، بذلك تحافظ على الحالة الذهنية اسمها الرغبة الجامحة في النجاح ، اللازمة لإدراك أي نجاح. . .) لا عودة إذن لماضٍ أبدا , ولذا فإنني أؤكد أن مثل هذه الأقوال صنعتها الحياة بتجاربها القاسية والسعيدة ، المؤلمة والناجحة ، وأننا نجني ثمار إمبراطوريات أفكارهم ومملكة إبداعهم الذي ورثوه لنا . لكننا سنظل نتائج التفكير سواء التفكير الإيجابي أو التفكير السلبي . وسنظل نرتقي ما شئنا أن نرتقي واضعين أنفسنا في القمة التي اخترناها لأنفسنا سلفا عند البدايات . لكن ينبغي أن ندرك أيضا أن القمة المنشودة اليوم لا تكون قمة بعد أيام نظرا للمتغيرات الكونية والزمنية وحتى التكنولوجيا و و... الخ .. ولذا فإننا نرى أي قيمة يضحي الإنسان من أجلها حتى إذا وصل قمة التضحية انتهت هناك قمته ... وعند أعيادنا أو ذكرى ميلادنا لابد أن ندرك أن أمس انتهى وغداً لا نملك ضماناً لمجيئه , فقط اليوم هو ما نملكه ونملك الاستمتاع به ... ( ينبغي أن لا نتجاوز أو نهمل التخطيط للمستقبل ) , لكن عيشي يومك واستفيدي من تجارب الماضي من غير أن تعيشي مشاكله وهمومه , ثقي بخالقك الذي يعطى للطائر رزقه يوما بيوم ، إنه اليقين بالله والتوكل عليه والثقة بما عنده . الأفضل قادم شريطة أن تحسني الظن بخالقك ولا تضييعي يومك , فإنه لا يعوض أبدا. تركت كل المناسبات وتجاوزت كل المحطات ولم تستوقفني الذكريات .. لكن ذكرى ميلادكِ لا أستطيع أن أتجاوزها لأنها الحقيقة الأقوى التي لا تتغير . أمنياتي أن تكوني بخير . وكل عام وأنتي بخير .