يعيش أخواننا مالكو وايتات شفط مياه الصرف الصحي في جدة ، ومنذ مدة بعيدة سنوات ذهبية ، وأظن أنهم سيستمرون كذلك لسنوات أخرى الله أعلم بعددها ، بسبب تعثر مشاريع الصرف في هذه المدينة العتيدة ، بل لعل أحدنا يرى هذه الايام ان كمية الطلب عليهم قد زادت بشكل غير مسبوق ، حتى أنك لا تمر من شارع أو زقاق ، وخصوصا في ساعات الليل ، الاّ وتشم الروائح الكريهة ، وتجد شاحنة الصرف تسحب هنا وهناك ، بعد زيادة عدد السكان ، والسماح بإضافة ادوار علوية لأهل العمارات القديمة ، وأصبح كل من يحتاج وايتاً من هذه (يتصل بصديق) يعطيه رقم سائق الوايت مع (شوية) توصية بأن يسرع لانقاذه بعد أن فاضت البيارة بما رحبت .. هذا إذا كان صاحب (بركة الصرف) له مشاعر طيبة ، ويريد أن يرحم عباد الله منها ، أما إن كان غير ذلك - وما أكثرهم - فإنه يدعها تنساب إلى الشارع لعدة أيام ، فتتلطخ بها أرجل المارة ، وعجلات السيارات ، في ظل غياب المراقبة الصارمة من أمانة جدة كما ترى عيوننا. قبل أيام قرأنا خبر الاجتماع الذي عقده سمو الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة ، مع مدير وحدة شركة المياه الوطنية في المحافظة ، حيث تم عرض تفصيلي عن مشاريع المياه والصرف ، وأعلن المهندس عبد الله العساف موعداً جديداً لبدء عمل التوصيلات المنزلية للصرف الصحي ، سيكون من بداية عام (2012م) للمنطقة من شمال شارع فلسطين إلى شرم أبحر ، دون أن يحدد - بحسب خبر عكاظ يوم 18 شوال 1431ه - موعداً لنهاية عمل التوصيلات (!!) .. أما جنوب شارع فلسطينوجنوبجدة فقد (تم اعادة دراستها وتصميمها وسيجري طرحها تباعاً لتجديد الشبكة بالكامل) . ودعوني أعود للوراء قليلاً لا تذكر ما قاله لنا نحن الصحفيين المدير السابق للمياه والصرف الصحي قبل سنوات عندما بشرنا بأن تركيب آخر توصيلة في آخر بيت في جدة ستكون عام (1431ه) . ثم هاهو عام (1431ه) ينتهي دون ان نرى شيئا من تلك البشارة ، التي كنا حينها نراها موعداً بعيداً .. والآن هاهو مدير الشركة الوطنية يقدم مواعيد جديدة لشمال جدة .. اما جنوبها فإنه سيظل تحت رحمة (الدراسات والتصاميم) التي الله أعلم متى تتم ، ومتى يبدأ تركيب التوصيلات ، ومتى يتم الانتهاء منها ؟ (!!) وأظن أن من يتابع هذه الحكاية بعين المتأمل الفاحص ، سيجد أن هناك خللاً كبيراً ، وأول ذلك هو الوعود والتصريحات التي يطلقها هذا المسؤول أو ذاك ، مقرونة بمواعيد وتواريخ لا تلبث ان تتحول إلى سراب ، فإما إن صاحب التصريح لايدري شيئاً عن كل ما يدور حوله وهذه مصيبة ، أو أنه يدري ولكنه يقدم وعوداً بناءً على عقود وخطط أمامه ، ثم لا تلبث تلك الوعود والخطط أن توأد وتموت بأسباب خارجية ، ربما تكون في مأمن من الحساب والعقوبة وهنا المصيبة أكبر. يا أيها الأخوة عن شؤون الصرف الصحي في جدة ، يكفي التلاعب بأعصاب سكانها بهذه التصريحات التي تتحدث يميناً بينما النتائج تأتي شمالاً ، وأظن الأفضل أن يعكف كل مسؤول إدارة على أداء عمله بدون تصريحات رنانة ، تشع الأمل والفرحة حينها ، ثم لا تلبث أن تصبح كابوساً وخيبة عندما يتخطاها الزمن المحدد ، واخشى ما اخشاه أن يفقد سكان جدة ثقتهم في أية تصريحات تتحدث عن مواعيد لأنهاء مشكلتهم المزمنة والطويلة والعجيبة مع مسألة الصرف الصحي هذه.