بين فريق يعيش معاناة الخروج من الآسيوية وبين خصم يحاول تعميق الجراح هناك نزال يحمل من خصوصية التنافس والندية والإثارة ما يرغمنا هذا المساء على المشاهدة . الهلال والنصر والمدرجات ولغة الميدان وإن أسهبت في الوصف فالوصف الدقيق لهذا النزال المرتقب لا يختلف عما تحتويه كتب التاريخ تلك الكتب التي لا تزال سطورها شاهدة على روعة المنافسة ورقي الإثارة وجمال الإبداع الصحيح في كرة القدم . فمنذ أن بزغت شمس النصر ومنذ أن ولد الهلال ونحن أمام حالة كروية هي كل الاستثناء : الاستثناء في المدرجات والاستثناء في الميدان والاستثناء في قيمة الطموح والاستثناء كل الاستثناء في مفهوم الغاية ومضمون الهدف . الليلة قد لا تحدد المواجهة المرتقبة مسارات اللقب لكنها حتما ستحدد المصير أعني مصير الفائز ومصير الخاسر في مسابقة أضحت النقطة الوحيدة مع تساقط أسابيعها أثمن من الماس. هنا لن استبق الحدث وأرمي بقناعتي في قائمة كل من تستهوية لعبة التوقعات لكنني عندما أحاول أن أشخص هذا اللقاء بعين المحايد فلن أخرج من عمق هذا التشخيص إلا بتلك الحقيقة التي تؤكد قدرة الهلال على تحقيق الانتصار ليس انتقاصا من حقوق النصر وإنما لقناعتي بأن الأفضلية الفنية والعنصرية لا تزال هلالية. حقيقة فنية لا تمثلني بقدر ما تمثل كل من لهم باع طويل في دراسة وتحليل مباريات هذه المجنونة التي باتت بالنسبة لنا كالماء والغذاء والهواء الذي نتنفسه . قد يسأل سائل لماذا أنت ميال للهلال، ولأن السؤال المطروح أتعبني كثيرا مع قراء أعتز بهم مثلما هم كذلك يعتزون بما أدون وأكتب فلا بأس في أن أجيب قائلا: من الظلم والظلم بعينه أن تتم مقارنه الهلال بخصمه لا فنيا ولا عناصريا، فالكفة الفنية والعناصرية دائما ما ترجح كفة الميزان لصالح هذا الزعيم الذي حاز في السنوات الأخيرة على درجة الامتياز وقدم لنا ذاته على أنه الأفضل أولاً بمستوياته ونتائجه وثانيا بوفرة النجوم التي تمتلك من القدرة ما يكفيها لان تحقق أهدافها ببساطة . نعم قد يكسب النصر الليلة وهذا وارد إذا ما أخذنا في الاعتبار الظروف التي يعانيها الهلال، لكن من يحاول أن يتشبث بمعيار التقييم الفني فهذا المعيار لغته المنطقية كفيلة بأن تقود أنظارنا إلى حيث نجوم الهلال ومحترفيه . عموما ولكي لا يغضب الأحبة في النصر أقول: قد لا يجد العالمي فرصة سانحة لهزيمة خصمه مثل هذه الفرصة فالهلال يعاني معنويا واستغلال هذا الجانب من قبل النصراويين هو الخيار الأهم الذي من شأنه أن يحقق لهم مبتغى الانتصار ومبتغى الاستمرارية في دائرة المنافسة على المراكز المتقدمة في مسابقة البقاء فيها لن يكون إلا للأفضل وليس العكس . عموما ما يهمنا أولاً وأخيراً هي الروح الرياضية وما نتطلع إليه هو المستوى أما لغة المدرجات ورقم الأكثرية فليسمح لي المتعصبون بأنها ( هلالية ) . ماذا يمكن لهذا التراجع المخيف في مستويات الاتحاد ونتائجه هل نسميه غرور اللاعب أم تهاون الإدارة أم أن شيئا ما يحاك في الخفاء ؟ الاتحاد تعادل مع الوحدة وتعادل مع الفتح ولا نعلم ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة عن عملاق لم تغرب شمسه عن البطولات منذ سنوات . أترك السؤال كنقطة سطر أخيرة لمن يهمهم أمر هذا الفريق الكبير الذي يمثل البريق الأجمل في منظومة الرياضة وسلامتكم !!