يوم السبت تطلق وزارة التربية والتعليم أول قاطرة في مشروع تطوير المناهج بعد انتظار دام 13 عاماً.. وبعد ولادة متعسرة تأجلت أكثر من مرة. حيث بدأ المشروع منذ عام 1419ه في عهد الوزير الرشيد، وشكّلت الأسر الوطنية للمواد الدراسية، وعُقدت ورش العمل، وسافرت المجموعات إلى دول عدة للاطّلاع على التجارب العالمية.. وشرعت لجان شارك فيها 170 من المعلمين والمختصين والأكاديميين والمهتمين، وبعد ثلاثة أعوام أعلن عن اكتمال بناء وثائق المنهج لكل مادة.. • فجأة توقف المشروع، وخرج معظم رجاله من الوزارة، وظل المشروع يسير بطيئاً.. وفي تكتم شديد، وغُيّب عن الميدان والمجتمع، وقيل حينها إن تيارين في الوزارة يتصارعان من أجل توجيهه كل حسب توجهاته وأفكاره. ثم انقطعت الأخبار حتى كدنا أن ننساه! • واليوم ونحن نستبشر بالإفراج عن أول دفعة من المقررات الدراسية المطورة يحدونا الأمل أن تكون في مستوى التطلعات، وأن يصاحبها نقلة شاملة تبدأ بإعادة صياغة الفكر التربوي لدى العاملين بالميدان، وتهيئتهم نفسياً وفكرياً ومهنياً للتعامل مع المتغيرات، لأننا لو جلبنا أفضل المناهج في العالم دون أن نعيد تأهيل المعلم والمعلمة ونوفر لهما الحوافز التشجيعية والبيئة المدرسية المناسبة فلن نحقق أي تغيير، لأن المعلم هو حجر الزاوية.. بل هو كلمة السر لنجاح أي تطوير أو تغيير. كما أن النظام التعليمي لم يعد مناسباً ولا مواكباً لمستجدات العصر، ولا بد من إعادة النظر فيه وبشكل عاجل. • في نظري إن التطوير لا ينبغي أن يقتصر على الكتب وإدخال التقنيات، بل لا بد أن يشمل المنهج بمفهومه الشامل، وأن يركز على ايجاد معلمين يقدسون رسالة التربية ويعشقون مهنة التعليم، تساندهم إدارة تربوية واعية تستشعر عظمة الأمانة وحجم المسؤولية. ويظللهم نظام تعليمي قوي متقن يضمن الجودة ويعدُّ الطالب للحياة.. نظام قادر على تخريج مواطن كفء متمسك بدينه.. يعتز بوطنه.. ويفخر بأن لديه قيماً ومهارات ومعلومات تؤهله لمنافسة أقرانه في كل بلدان العالم.. أمّا ما عدا ذلك فسيظل التطوير شكلياً لا طائل من ورائه.