** ساعات.. ويبدأ يوم العيد.. غدا الجمعة.. هل نحن مستعدون؟!.. العيد يفرض نفسه على الجميع.. العيد مجرى واضح للأفراح.. الجميع يسبح في هذا المجرى حسب الاستطاعة.. وللعلاقات الإنسانية والاجتماعية نصيب.. العيد مساحة لفرح الفقير والغني.. لفرح النساء والرجال والأطفال.. العيد يكسر حواجز اليأس. ** تحدثت العرب بكل ما تعرف عن العيد.. حاكت كثير الكلام والأقوال الخالدة.. تحدثوا عن الثوب الجديد في العيد.. لكن هل تحدثوا عن ثوب العقل الجديد.. وعباءة النفس الجديدة في العيد؟! ** يتغير ويختلف التعبير عن فرح العيد.. يختلف من جيل لآخر.. ومن زمن لآخر.. الظروف تحدد مسار، ونوعية، وعمق فرح العيد. ** في هذا العيد نتذكر المسلمين في باكستان.. فيضانات دمرت المنازل والمزارع.. قتلت وشردت البشر.. جعلت حياتهم أكثر صعوبة.. هل كانوا يتوقعون هذا الوضع في هذا العيد؟!.. نسمع أشياء تدمي القلب.. هل كان توجيه مياه الفيضانات عنوة.. على القرى والمناطق المنكوبة؟!.. هل كان بهدف حماية مزارع وممتلكات الأغنياء وأصحاب النفوذ؟!.. حتى المعونات الإنسانية يسرقونها.. يفعلها أغنياء المسلمين.. بطرق مختلفة.. النتيجة واحدة.. ساعدهم يا رب. ** نسمع قصصا عن المسلمين لا يصدقها عقل.. نسمع عن مآسٍ إنسانية يصعب تخيلها.. ونقول: عيدكم سعيد. ** يحتفل البعض بالعيد.. وعليهم حقوق لم تعط لأصحابها.. يتجاهلون حقوق الناس عليهم.. يعطون الوعد ويكذبون.. تصرفات لا تتفق مع قيم الخير في إسلامنا.. هل نحن مسلمون اسما فقط؟!.. متى نكون قولا وفعلا؟!.. نتساءل.. ونقول: عيدكم سعيد. ** ما زلت أذكر ليلة العيد.. في شارع الملك سعود ب(الدمام).. قبل طمس ذاكرته وبعثرته.. بفعل التطوير والتجميل الذي يدعون.. كنت شابا يصيح بين الجموع: زكي يا صائم.. كان الشارع محشورا بالكثير من الناس وأكوام الأكياس.. وصيحات تتعالى: زكي يا صائم. ** هناك من يشتري.. هناك من يستلم أكياس الزكاة.. حركة ونشاط.. فوضى وإزعاج.. تعطي صورا فريدة ومشوقة.. هي صور متعة العيد ومناسبة الفرح. وقتها.. استوقفتني عائلة أمريكية.. قالت: ماذا يجري هنا؟!.. ما سر هذه الأكياس المليئة بالحبوب؟!.. أجبتهم بما أعرف.. زكاة على بدن المسلم.. الفقير والغني.. الذكر والأنثى وحتى الأطفال.. سميتها في حينه زكاة الرأس.. على المسلم إعطاء ما لا يقل عن اثنين كيلو ونصف مما يأكل سنويا للفقراء. ** لا أريد الحديث عن ردة الفعل.. لكنها تساءلت كم عدد المسلمين في العالم؟!.. ولأن كاتبكم عضو في فريق (زكي يا صائم).. ذهبت في حال سبيلي.. للتزود بالمزيد من الخير.. استرد بالشراء كل ما تم توزيعه على الجالسين.. لا نعرف هل هم فقراء أم أنهم يتكسبون مثلي. ** كان هناك اتفاق مع بعض جامعي الزكاة.. نشتريها.. لنعيدها إلى نقطة البيع من جديد.. وهكذا كان الجميع يفعل.. كان هناك (هوامير) قادرة على الاستحواذ أكثر من الآخرين.. وكنت من الآخرين. ** في آخر الليل.. تختفي تلك الجموع.. يبقى مظاهر فوضى لا تحترم النعمة.. ولا تقدر الزكاة.. غبت سنين.. رجعت إلى المكان.. وجدت الحال قائما.. في هذه المرة كنت من المتفرجين. ** بحكم الوعي الحضاري.. أصبح الوضع أفضل.. استطاعوا الاستفادة من زكاة البدن.. كان البعض يتعثر.. لا يدري لمن يخرجها.. اليوم هناك جمعيات خيرية.. ينقلونها إلى المحتاجين في الأحياء الفقيرة. ** وفي العيد تذكروا أن هناك أحياء للفقراء وأخرى للأغنياء.. هكذا زادت الفجوة اتساعا بين الناس.. لم يعد للفقير جار غني.. ولم يعد للغني جار فقير يذكره بفضل الله.. وبمعاناة إخوانه فقراء المسلمين.. عند البعض أصبح الفقراء مصدرا للتقزز والنفور والتخلف والجهل.. البعض ينظر إليهم كجزء من الأذية والغثاء.. ومع ذلك نردد: عيدكم سعيد. ** هناك (بشر) يربون أولادهم على تدليل أنفسهم حتى بشراء ما لا يصح.. ويتجاهلون تربيتهم على حب وعمل الخير.. والعطف على الفقراء والمساكين. ** العيد أن تتذكر حقوق الآخرين عليك.. العيد أن تتذكر فضل الله عليك.. العيد أن تحب العطاء والصدقات مما أعطاك الله.. العيد أن تجعل نفسك بيضاء نقية مثل الثوب الذي تلبس.. نفسا خالية من الغل والجشع والطمع والكراهية.. العيد أن يكون هناك نداء بداخلك.. يحثك على زيارة أحياء إخوانك الفقراء.. لا تمنع نفسك من دخول بيوتهم.. عندها ستعرف أن عيدهم هو الأمل والتفاؤل.. ستعرف أن عيدهم هو التمسك بالحياة في أدنى مستوياتها وظروفها.. لا يكفي أن نقول: عيدكم سعيد.