رائعة تلك الفقرات التي نشرتها «عكاظ» في عددها أمس الإثنين من مذكرة استئناف ضد الحكم الصادر بشأن الطبيبة التي عضلها أبوها وأيد القاضي هذا العضل بل وضم إليه تهمة العقوق لوالدها. رائعة لأنها لامست جوهر المشكلة ولم تخرج عنها، ولأنها لم تتجاوز العمق الإنساني للمشكلة ولم تخرج عن الغاية الشرعية التي جاءت لتحقيق مصالح الناس ودفع الأذى ورفع الظلم عنهم، وكانت قوية في جلاء الحق. هذه الطبيبة تستحق أن يقف المجتمع كله إلى جانبها لأنها عانت ظلما خرج إلى دائرة الضوء وعلم به الناس وأصبحوا بذلك ملزمين برفعه عنها، وأول من يلزمهم نصرتها المحامون ذوو الغيرة والقدرة وأصحاب الأقلام والضمير، إن خذلها آخرون. الخطاب النبوي الكريم يكاد يشمل المجتمع كله (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وهنا يجب حماية المجتمع من الفتنة والفساد، وإلا فإن الرضا بممارسة الظلم هو المبرر لوقوع ألوان من الفساد وضروب من الفتنة تسهم كلها في تفكك المجتمع. جمعية حقوق الإنسان عليها واجب الوقوف إلى جانب هذه الطبيبة بالذات، وأخريات لا يجدن طريقا إلى المحكمة ولا إلى من يمتلك من الإنصاف ما يقف إلى جانبهن. قد يكون مناسبا إنشاء صندوق ينفق منه على القضايا القانونية، وكما كان هذا المحامي شهما من قبل حين تبنى قضية طليقة النسب وكما كان شهما اليوم وهو يتبنى قضية طبيبة العضل، فقد لا نجده غدا في قضايا كثيرة تحتاج إلى من يقف فيها هذا الموقف ويتصدى لظلم ذوي القربى الذي هو أشد من وقع الحسام المهند. حين يتداعى أفراد المجتمع إلى رفع الظلم وتحقيق العدل، تغدو الحياة أقرب إلى إنسانيتها وآدميتها فإن أبوا غدت المنزلق إلى درك تكاد البهيمية أن تنأى عنه وتستعلي عليه.