كل شيء في الأهلي هذه الأيام يسير في اعتقادي، ووفق متابعتي بصورة جيدة، حتى وإن رأى البعض أن هناك تأخيرا في إنهاء التعاقد مع اللاعب غير السعودي، الآسيوي الرابع. تابعت المؤتمر الصحفي لمدرب الفريق الأهلاوي الجديد، النرويجي سوليد، واحترمت فكره، ورؤيته الفنية، وأهم من ذلك علاقته باللاعبين، التي أرى أنها ستكون أهم من بعض التدخلات الفنية للمدرب. ولا شك أن بيئة العمل الجيدة والصحية، كما في علم الإدارة، تؤدي في النهاية إلى نتائج جيدة، والعلاقات الإنسانية، هي جزء هام ورئيس في نجاح أي منظومة أو إدارة، وهذا ما ألمسه في فريق الأهلي "إدارة عليا، وإدارة فريق، وجهاز فني، وأجهزة معاونة". في وسائل إعلامنا المرئية والمقروءة لا يأتون على اسم الأهلي، ولا يقرؤون أخبار هذا النادي "السبعيني"، إلاّ إذا تداخل معهم ضيف بميول أهلاوية، أو تواصل معهم مشجع، وكأن الأهلي ليس نادياً سعودياً، وتاريخاً يتحدث إنجازات وبطولات، وسفيراً للوطن. أتحدث أكثر عن قناتنا الرياضية، التي أبارك لها هذه النقلة التقنية، وأتمنى أن نرى معها نقلة نوعية، وعملا احترافيا يبدأ من اختيار مقدمي البرامج، وإخضاعهم لدورات، ليس بالضرورة في تقديم البرامج، وإنما في الحياد، وليت القناة تخصص للمناطق الأخرى جزءاً من برامجها المباشرة. فلو أخذنا مدينة جدة على سبيل المثال، لوجدنا أن بها "مجمعا إعلاميا" كبيرا وحديث الإنشاء، ويوجد به كفاءات إعلامية في الإخراج والتصوير، وأستوديوهات عالمية، لكنها معطلة، وهذا أمر يحتاج قراراً سريعاً تتقاسم فيه جدة والدمام مع الرياض البرامج في القناة الرياضية. من غير المعقول أن يأتي برنامج، أو ضيف لبرنامج، ليقول إن الأندية الكبيرة، هي ثلاثة، وكأنه يعيدنا إلى سالفة البلطان، وتصريحه الذي صدر منه في لحظة اندفاع، دفع ثمنها كثيراً، منها ما هزّ صورته عند مشجعي الناديين الكبيرين، الأهلي والنصر، والآخر قلل من حجم التعاطف مع ناديه، وهذه إحدى نتائج الحسابات الخاطئة. يقول التاريخ الذي لم يستطع كتاب "تاريخ الألفية" أن يطمسوه، إن الأهلي، هو أول ناد سعودي يفوز ببطولة الدوري العام، ومع ذلك نجد من يقول، إن الأهلي بلا تاريخ، وإنه لم يعد من ضمن قائمة الأربعة الكبار، لأنه لم يحقق بطولة الدوري منذ ربع قرن. إذا كنا كنقاد وإعلاميين نقيس الأمور بهذه الطريقة، فإن على الصحافة الإنجليزية أن تستبعد ليفربول الفريق الإنجليزي الكبير من قائمة الأربعة الكبار في الدوري الإنجليزي، كونه غاب عن بطولة الدوري لأكثر من عشرين عاماً. مشكلة إعلامنا الرياضي أنه لا يهتم بالتاريخ، ومشكلة بعض إعلاميينا أنهم لا يقرؤون تاريخ الرياضة السعودية الحقيقي الذي بدأ من "جدة" ومن نادييها الكبيرين الاتحاد والأهلي، ومن بعدهما جاء الوحدة، والمشكلة الكبرى بالنسبة لهم، هي أن الأهلي أحضر منتخب البرازيل، وأحضر عمالقة التدريب في العالم، منذ ديدي في السبعينات، وسانتانا ولازاروني وسكولاري، وجاء بمارادونا إلى جدة. لم يعد سراً أن نقول إن إعلامنا الرياضي، هو إعلام أندية، فالأقسام الرياضية موزعة على الأندية، والصحف الرياضية المتخصصة تتحدث بلسان أندية معينة، والقنوات الرياضية، والبرامج المماثلة في بعض الفضائيات تتبنى أندية بعينها، وتجاهلوا الأهلي. حتى عندما نال الأهلي لقب سفير الوطن، وتشرف باستلام "الوثيقة الأولى" من يد خادم الحرمين الشريفين "حفظه الله"، كأول ناد سعودي يحقق هذا اللقب الغالي، لحصوله على أربع بطولات خارجية لم يسبقه أحد إليها، لم ينل حقه من الاحتفاء، في الوقت الذي احتفت القناة والصحافة بأصحاب ألقاب غير رسمية. كنت أتمنى، أن أرى إعلاماً منصفاً لأكاديمية النادي الأهلي، ولمؤسسها وراعيها، الأمير خالد بن عبدالله، في أعقاب قرار مجلس الوزراء بإنشاء أكاديميات الأندية، فأكاديمية الأهلي هي الرقم (1)، وهي المشروع الوطني الرياضي الذي ولد كبيراً، ومرة أخرى سقط الإعلام الرياضي. ولست أعلم ماذا سيقول الإعلام الآن عن قضية اللاعب محمد نور مع ناديه الاتحاد، بعد أن تحول ملفها إلى لجنة الاحتراف، واستنفد النادي ورجالاته الكبار كل الطرق لإقناع اللاعب بحضور التدريبات، وتقديم بعض التنازلات لناديه الذي منحه كل هذه الشهرة، وهذا الثراء، ولكنه زمن الاحتراف المقلوب.