في العاصمة المقدسة حملة واسعة لسلخ جلود شوارع مصابة بالتهابات جلدية حادة، وأورام سرطانية منتشرة (في كل شارع وسكة)، وأصبحت هذه الشوارع نوعًا من العقاب الجماعي تفرضه شركاتنا الوطنية بسبب بثقافة الحفر والتهشيم التي تمتلك فيها هذه الشركات درجة التميز . في مكةالمكرمة مشاريع هائلة تنقل بسببها آلاف الأطنان من الصخور بشاحنات لا تخضع للرقابة ولا للوزن، هذه الشاحنات تطحن الشوارع طحنا تحت درجة حرارة تتجاوز الخمسين درجة، فأصبحت الشوارع عند الإشارات -بسبب ضغط الحمولات وحرارة الشمس وسوء التنفيذ- أخاديد يقع في شراكها الناس صباح مساء. في كل بلاد الدنيا يتم احترام الناس الذين يستخدمون هذه الطرقات، لأن فيهم العاجز والمريض، وذا الاحتياجات الخاصة، ولكن في بلادنا كل ما تقوم به البلديات وضع لوحة كتب عليها نأسف للإزعاج نحن في خدمتكم، وهذه العبارة منذ خرجت إلى الحياة وأنا أقرأها في كل مكان، ولم ينتهِ الإزعاج، ولم يصلح حال هذه الطرق. في بلادنا شوارع عامة لا تدري بأي عقلية صممت، فبعض الشوارع يبدأ ب35 مترًا ثم ينتفخ فجأة ليصبح 64 مترًا، والسبب أن صاحب المخطط الأول قادر على الالتفاف على شروط الأمانة فلحس نصف المساحة، ولحست الأمانة الباقي بالحفر والمطبات والالتهابات المستعصية على عمليات التجميل. عمليات التجميل في كل مكان من شوارعنا، ولكن كل هذه الأصباغ سرعان ما تتلاشى وتزول، مع أول حملة مداهمة للأمطار، ويخرج عمال البلدية بالمكانس بمحاولة يائسة للمحافظة على ما تبقى من عمليات التجميل ولكن لا يصلح العطار ما أفسد الدهر. شركات خدمات تنهش صباح مساء في هذه الشوارع، حتى أصبحت مثل ثوب الفقير المملوء بالرقع. وصار حالها يثير الشفقة مما ابتلاها الله به من المعاول والفئوس والحفر والدفن. وهل يأبق الإنسان من ملك ربه ويهرب من أرض له وسماء مع هذه الشوارع لي حكاية تقول: أوضاعنا من وضعنا تستجير وشعبنا مستبسلٌ في الشخير شوارعٌ من جلدها هجّرت لأنه يخنقها في الهجير أجمل ما فيها إذا خلتُها ذكرت في دنياي سوءَ المصير كأنها ممّا جرى فوقها من توسعات منكرٌ أو نكير لكن رأيت اليوم فيما أرى في واحدٍ منها عذاب الضمير رأيت جيشًا ضاربًا حوله فقلت: أمرٌ سوف يجري خطير قبائلٌ من شاحناتٍ أتت واحدةٌ تدنو وأخرى تُغير وقائد عيناه برجا لظى سألت من هذا فقالوا: المدير فقلت: هذا طلع أحلامنا وطلقةٌ من وعينا المستنير رصيفنا أقلع في رحلة تخرجه من لفحات السعير نمت له أجنحةٌ من هوى فكاد من أفراحه أن يطير وكحّلوا عينيه حتى رأى وألبسوا زنديه ثوب الحرير حتى بدا في حلّة من ندى وجهًا سماويّ المعاني يثير قلت لهم: ماذا جرى كي أرى نرى قوافل الأموات جهرًا تسير قالوا وفي أصواتهم غصّة غدًا سيأتينا معالي الوزير الشارع المسكين في وضعه حكايةٌ تروى لفكر فقير وليس في أوجاعه أولاً يا سادتي ولن يكون الأخير