“أول مرة أشوف شي يوسع الصدر بهالديرة. تغيّر واضح في سلوك الناس في القيادة، واختفاء كثير من الممارسات المؤذية. واضح أنك ما تقدر تترك الناس كالقطيع وتقول نظموا أنفسكم. كلك بركة يا ساهر!”. هذا نص رسالة تلقيتها حرفيًّا، من صديق عزيز يسكن الرياض. قبلها شاهدت إحدى حلقات برنامج (واجه الصحافة) عن ذات النظام الذي يباركه صديقي، يواجه فيها داود الشريان وحمد القاضي وعبدالعزيز السويد، العقيد عبدالرحمن المقبل (مدير عام المرور في منطقة الرياض والمسؤول عن نظام ساهر في المملكة)... وبرغم أننا نعيش حربًا حقيقية في الشوارع خسائرها البشرية والمادية باتت معلومة، في ظل أننا لا زلنا نتعامل مع السيارات بمنطق الجمال والحمير والبغال، لا بمنطق الآلة، إلا أنني شعرت من خلال تلك الحلقة، أن السادة المحاورين يضمرون نوعًا من الشك والاعتراض، لا يستطيعون أن يجاهروا به، لكي لا يقال أنهم “ضد النظام”، وإلى درجة كنت فيها أنحاز (ربما لأول مرة) مع المسؤول ضد الإعلام... مع العقيد الذي يتحدث بلغة الأرقام، ضد الصحفيين الذين يتحدثون بمنطق يميل إلى العاطفة بشكل أكبر. الشارع هو الكتاب الأول الذي يستطيع أن يقرأه أي زائر لأي دولة... الشارع الذي تسوده قوانين صارمة تطبق على الكبير قبل الصغير، لا بد أنه يدل على بلد تسوده القوانين، وتتحكم فيه دولة قوية قادرة، تعطي كل ذي حق حقه، والعكس بالعكس... شارعنا مع الأسف لا يدل على ذلك، بل هو مليء بالغوغائيين والمغامرين والمخالفين والمتجاوزين... وحين يبدأ (ساهر) بالشوارع، ويفلح بضبطها تدريجيًّا: مدينة فمدينة، وقرية بعد قرية، فإننا نرجو أن نرى (ساهرًا) في كل دائرة حكومية ومحكمة ومدرسة ومستشفى... لكي يسن القوانين، ويراقب تطبيقها بكل حيادية وشفافية وعدل، حتى نتحول في ظرف سنوات قليلة، من بلد يعيش، بمنطق التدافع، على قوانين أشبه بالأعراف، إلى أمة تنهض على قوانين حقيقية في شتى مناحي الحياة. لا يكفينا (ساهر) واحد، بل نبحث عمن يسهر على كل أمورنا، لكي (كما قال صديقي العزيز) نرى في هذه الأرض ما “يوسع الصدر”: أعمالاً، لا أقوالاً.