حرب الفتاوى والفتاوى المضادة على أشدها إما في أمور خارج نطاق التطبيق في الحياة، أو في أمور أحاطت بالناس وبحياتهم إحاطة السوار بالمعصم، فأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم. المسلمون اليوم في حاجة إلى من يقف إلى جانبهم كي تغدو حياتهم ذات معنى في جوانب المعيشة والتعلم والتعاون والتسامح، وكي يستعيدوا قيمتهم بين شعوب الأرض بعد أن خسروا الرهان طويلا. خير لهؤلاء المفتين أن يلتفتوا إلى الذي يهبط بالحياة فيحولوا بينه وبين الناس، وإلى الذي يرتقي بالحياة فيسعوا إلى أن ينتشر ويزدهر ويحقق آثاره. الفن اليوم من صميم حياة الناس في منازلهم وأسواقهم وسياراتهم واحتفالاتهم ولا يمكن أن يقال إنهم منغمسون في الحرام على النحو الذي يسعى البعض إلى محاصرة الأمة به. الأمر في شأن الفن يقتضي التوسعة المشروعة على الناس بعيدا عن الإفساد واستخدامه وسيلة لنشر المنكر والرذيلة والانحراف، أما ما عدا ذلك فقد يكون فيه حافز على مفيد يعود بالخير في مجالات مخاطبة النفوس والأرواح. هذا إن أراد أصحاب الفتاوى أن يوظفوها في إيجابيات الحياة وفي الأخذ بأفئدة الناس إلى حياة مطمئنة لا يسيطر عليها الحرج وتحاصرها الشكوك والظنون إما بالشعور بالانغماس في الحرام أو في رمي الآخرين به.