في زيارتنا الأخيرة له.. سألني أحد الأصدقاء: ما شاء الله هذا بيته؟! ابتسمت ابتسامة باهتة، وقلت: بيت مين يا عم.. صحيح أنه شاعر عظيم يملك الكثير من (الأبيات) ولكنه يسكن شقة بالإيجار! والإشكالية الكبرى أن هناك مبالغ متراكمة على كاهله، بسبب الأزمة الصحية التي يمر بها سيد البيد والقصيد الشاعر الطريح / الجريح: محمد الثبيتي! كان مسجى على سريرٍ طبي، في (غرفة باردة.. بابها، لا أظن له أي باب)، عيناه الغائرتان تشكوان زمنا تمرد وتنزان بوطن تغرب في ذاكرته! أخرج من مدينة الأمير سلطان الإنسانية بقرار إداري وليس طبي، وهو ما زال يحتاج للعناية الطبية والتأهيل النفسي والجسدي ليصل على أقل تقدير إلى وضع مطمئن! كانوا يساومون ابنه الأكبر (يوسف) كما ذكر لنا على التقرير الطبي بقولهم: (تعال وقع على الخروج لنكتب لك التقرير الطبي ونخبرك إلى أي مدى وصل العلاج مع والدك؟!)، ونحن نتساءل: أين الوطنية في هكذا إجراء مع مريض من عامة الناس، فما بالكم مع رمز كبير مثل الوطن في محافل ثقافية ومهرجانات شعرية عربية ومحلية، شاعر ملأ الأرض والسماء شعرا وحبرا وصبرا وقهرا؟! أخرجوه عنوة دون أن يحول لأي مستشفى متخصص أو مركز تأهيل يتابع حالته الصحية والنفسية والإنسانية، وبقي تحت رحمة الله ثم عناية أسرته المتماسكة والتي تقوم بتمريضه وتطبيبه وتدريب أطرافه بخبرات متواضعة واجتهادات بسيطة! إن قضية الثبيتي تأخذ في هذا المنعطف بعدين، بعدا صحيا / نفسيا، وآخر إنسانيا يتمثل في الديون المتكدسة على كاهل أسرته بسبب تعطل صرف راتبه التقاعدي بسبب الإجراءات المعقدة والمتشعبة في مؤسساتنا المصرفية وجهات حكومية أخرى، وهذا ما صرح به نجله الأكبر لصحيفة الحياة بتاريخ الإثنين 5 أبريل 2010 م، حيث قال: «إن أسرته تمر بضائقة مالية يصعب تجاوزها إن لم يقف معنا المحسنون من المسؤولين والمثقفين» وهنا يتجلى موقف وزارة الثقافة والإعلام ودور وزيرها الشاعر والإنسان بالوقوف مع أسرة هذا الشاعر، كواجب وطني وكحقٍ مشروع لكل أديب أو مثقف أو شاعر نبتت بين أصابعه نار الكتابة، واكتوى بجمر الإبداع! كلنا نتذكر ما حدث للشاعر الراحل عبدالله باهيثم، حيث صدر قرار علاجه في الخارج.. ولكن متى؟! بعد رحيله إلى دار الآخرة، والأمثلة كثيرة على راحلين مضوا وآخرين متشبثين برمق أخير في هذه الحياة! فهل سيبقى الثبيتي وأسرته عطشى: (لا.. فالذي عتقته رمال الجزيرة واستودعته بكارتها يرد الماء).. ويكفي!