ومن أشد السلوكيات المدمّرة للإنسان بعد العادات السيئة والعنف، ثلاثة حرّمها الإسلام بشدة، وعاقب صاحبها ماديًّا، أو معنويًّا، هذه الثلاثة هي: السرقة، والغش، والكذب. وفي دراسة أجراها باحث في كلية الطب بجامعة مينيسوتا الأمريكية على 43 ألف شخصية، اعترف 11% منهم بالنشل أثناء التسوّق مرة واحدة على الأقل، مع أنه لم يكن في حاجة للسرقة أصلاً، ولكنه سلوك يسيطر على صاحبه في لحظة ما، بل ربما صاحبته نشوة انتصار، أو فرحة نجاح. طبعًا يدخل ضمن هؤلاء ناهبو المال العام عبر طرق ملتوية، وأساليب ساقطة، وآخرون امتهنوا الاحتيال على الناس، فلا يردّون حقًّا، ولا يهابون سلطانًا. والغش سلوك مدمر يلي السرقة في الخطورة، وميدانه واسع جدًا. ولعل أشد مكامن الخطورة فيه التبرير الأخلاقي الذي تسوقه النفس الأمّارة بالسوء. وفي الغرب خاصة يكثر الغش في العلاقات الزوجية، إذ تنتشر الخيانات الزوجية بصورة مؤلمة، حتى شاعت بين رجال السياسة والمشاهير من الممثلين والفنانين وغيرهم ممّن يعتبرهم المجتمع نماذج يُقتدى بها، أو على الأقل تتطلّع شرائح كبيرة من المجتمع لمحاكاتها وتقليدها. وممّا يؤسف له أن عدوى الغش سريعة ومؤثرة، فالطفل الذي يمارس الغش في المدرسة دون رادع يدفع الآخرين إلى محاكاته، والسفيه الذي يتباهى بالإعلان عن مغامراته الساقطة يشجّع الآخرين من أقرانه على مجاراته، وذلكم هو الجهر بالسوء من القول. وأمّا الكذب فهو من خصال النفاق المقبوحة حتى بالمنظور البشري دون العقائدي، فالإنسان عادة يتمثل في أقواله معايير الصدق والنزاهة، ويحاول الحفاظ على هذه الصورة الجميلة لنفسه خاصة، ثم المحيطين به من ذويه وأقربائه، وأصدقائه، والعاملين معه. وقد يلجأ للحبال فيكذب كي يحافظ على الصورة نفسها دون خدش إذا ما ارتكب خطيئة يظن أنها تهز صورته وتُحسب ضده، مع أن الصدق منجاة في كل حال، وهو الذي يحفظ للشخصية نقاءها وبهاءها، ولهذا قرن الله بين الصدق والتقوى، فقال: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين). هذه سلوكيات ثلاثة مدمرة للإنسان أيًّا كان، وللمسلم أثار مضاعفة، وعواقب أشد خطورة تنعكس على عقيدته، وحياته الأخروية.