• (واقفا يولد الضوء.. جاثما يولد الظلام) (*) أطلق سراح هذه العبارة .. ووجهه حانقا بضجر ناضح .. نعم .. فقد كان صاحبي مستاء .. ناقما .. فيما حدائق الروح تهمي غناء متشجرا بالعصافير والأغنيات .. رمقته بابتسامة عابرة في وجه عابر .. وقلت له : - لا تبتئس ياصديقي .. إنه النور المنبعث من أروقة القلب .. قاطعني : - ولكني أشعر بحرارة في صدري .. أشم رائحة احتراقاتها .. - قلت : خذ من حطب عروقي .. وأضرم ماستطعت من عقولهم الخشبية ووجوههم المصقولة .. ستجدها رمادا تذروه الرياح ! واترك شغاف القلب تمارس توهجها المثمر . - قال: إنهم يرشقون الضوء بأحجار أنفسهم المعتمة .! - قلت : هكذا هي الكائنات العبثية .. التي لم تخلق إلا لإطفاء الشموع والتحليق في أفقٍ من الظلمات ! - قال : ولكنهم ينهشون جسد الشعر بسم الشعر .. ويغتصبون القصائد، ويأدون بنات (الأفكار) .. بغية الأضواء الزائفة والفلاشات الباهتة . - قلت : هي الديدان لا تتغذى إلا على الجثث المتعفنة .. وفي القادم من الأيام ستأكل بعضها البعض .. حتى تبقى دودة متخمة بالخسة والخواء .. وتنفجر فجأة ! - صاح مستغربا : يقرعون طبول الحرب من حولك .. وأنت تتمايل رقصا وطربا ... يا إلهي .. أكاد أن انفجر من هذا البرود ! - قلت : فلتنفجر ورودا .. لتتشظى جمالا .. أفضل من هذا الاحتقان المقلق! تنفس صديقي الفضاء .. وكأنه كان مختنقا بسؤال لامع كسكين .. وتمتم في نفسه النقية : - وهل أنت ساقط ؟! ضحكت ملء حزني .. وقلت منتشيا : نعم ! جحظت عيناه .. وفغر فاه .. - فأردفت : نعم .. ساقطا كمطر السماء .. عندما يهطل فيحيي الأرض بعد موتها .. (لتلبس في الربيع بجيدها أحلى الخلاخل).. ويتبع ..! ................................................................ (*) قصاصة لأدونيس .