على حد علمي هذه المرة وليس على حد حلمي أننا سندخل موسوعة جينس في عدد المساهمات الوهمية التي أغرقت البلد وخلفت ضحايا السكر والضغط والجلطات والمرضى النفسيين وتركت الكثير من المواطنين الراغبين في الثراء السريع على الحديدة، بل إن بعضهم باع الحديدة! فمن مساهمات المخططات وشقق التمليك إلى جزر الأحلام وسوا الخيالات، تعرض الكثير من المساكين لأكبر الانتكاسات الاقتصادية والتدهور المادي الذي قلب موازين حياتهم، وحول أفضل المواطنين حالا من مليونير إلى مديونير! والمعضلة العظمى أن الجهات الحكومية المسؤولة تقف متفرجة دون أن تحرك ساكنا متذرعة بالمقولة السائدة الخاطئة في نظري على الأقل (القانون لا يحمي المغفلين)، بل يحمي ويحافظ على الأمن المالي للمواطن في ظل غياب ثقافة الاستثمار وقنوات التوعية الاقتصادية! وفي الآونة الأخيرة ظهرت شركات تزعم أنها استثمارية، تستأجر أفخم القاعات لتروج لمنتجاتها الوهمية لتبيع الكذب المجاني والدجل المركب على السذج واللاهثين نحو السراب، وتقوم فكرة هذه الشركات على التنظيم الهرمي أو الشجري بمعنى أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة)، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك. ثم يبدأ واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج بإقناع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل المشترك الأول على عمولة إضافية عن كل مشترك، وهكذا.. فأنت تدفع لزيد على أن تقنع عمرو وعبيد وتأخذ بسببهم عمولة أو مكافأة وتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال زيد ومن يليه في الهرم عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء في كل فرع عن 3) وهكذا. ويستخدمون أساليب الإقناع المبرمجة عصبيا لإيهام العميل بسهولة الانضمام وضمان الربحية العالية ثم يدخلونه في دوامة الحسابات المعقدة التي تضمن لهم شراء هذا المنتج من أكبر عدد ممكن والذي قد يكون عبارة عن (سيديهات البرنامج) أو أي منتج يحمل اسم الشركة لا يستفيد منه المشترك شيئا! ولذلك تسوق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم، كما أن المنطق يقول أن هذه العمليات لا تستمر بسبب تعقيدات حساباتها الهرمية، وتوقف مشتركيها لعدم الوفاء بشروطها التي ظاهرها الكسب وباطنها الخسارة. قد تكون المساهمة ب100 دولار مثلا مغامرة يسيرة، ولكن عندما تحسبها على مستوى العالم وملايين المشتركين تجد أن الشركة تربح ملايين الدولارات عن طريق التحايل والتغرير فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب الأكثرية.. ويكفي!