عندما ظهرت لجان الحماية الاجتماعية بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع إمارات المناطق والجهات الأمنية منذ عام 2004 من أجل التصدي للعنف الأسري عبر قنوات رسمية، وتلتها ظهور الجهات الحقوقية، كان الأمل كبيراً ومازال في هذه الجهات أن تكون مساندة لبعضها البعض لدورها الوطني المأمول والمتوقع منها، وأن تكون كل جهة مظلة للجهة الأخرى في المساندة المهنية والبشرية والاستشارية وذلك لاحتواء مشكلات العنف الأسري والتصدي لها مما يعطي لتلك الجهود ثمارها الطيبة، ويساند العاملين في تلك الجهات لتكون أصواتهم رسالة ضاغطة لتفعيل الأنظمة التي تحمي النساء والأطفال بالذات. لكن للأسف الشديد عندما تقام المناسبات العلمية الاجتماعية لمناقشة تلك المشكلات يؤسفنا أنها لا تكون شاملة للجهات المعنية مما يغيّب الجهود المقدمة لمعالجة تلك المشكلات، ويجدها بعض المحاضرين فرصة للانتقاد والانتقاص من مكانة تلك الجهات بالرغم من خطورة عملها وحساسيته! وهذا لا يسيء للجهة لوحدها بقدر ما يسيء لوحدتنا الوطنية في التعاون لاحتواء فئات ضعيفة أجبرتها الظروف للتعرض لضغوط تسيء لاستقرارها الأسري! ومن تلك المشكلات التي يتم مناقشتها وطرحها إعلامياً بدون مشاركة عادلة للجهات المعنية \"هروب الفتيات\" والذي لا يمكن معالجته من خلال ورقة عمل عابرة أو تحقيق صحفي أو لقاء تلفزيوني والقصور يلف تلك المعالجة من جميع جوانبها! وعندما يتهم أكاديميون من خلال الملتقى العلمي السادس للجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية مملكتهم \"السعودية\" بأنها الدولة الوحيدة التي تجرّم هروب الفتيات، فهذا أمر يحتاج لتدخل الحاكم الإداري بالتعاون مع الجهات الحقوقية لتصحيح هذا الاتهام لأنه يمس سياسة بلدنا الحقوقية في التعامل مع تلك الحالات وخاصة النساء المعنفات، ويسيء لمستوى الخدمات المقدمة لكل من تهرب من منزلها لظلم واقع عليها ولجأت بعد الله سبحانه وتعالى لمن تم تكليفهم بمهام حساسة لحماية المظلومين! خاصة أن هذه الخدمات ليست حديثة العهد بسياسة بلادنا، لكن ظهورها الحالي بشكل رسمي لم تتقبله كثير من الأسر المتسلطة، وكانت هناك كثير من المواجهات الساخنة ما بين تلك الأسر والجهات الحقوقية حيث أتهموها بتحريض بناتهم على الهروب من منازلهن، وتشتيت شملهم لأنهم عدوانيون وتعودوا على تملك نسائهم ويحتاجون لمهارة في التعامل لتعويدهم على الحياة الأسرية المشتركة، حيث إن المواجهة القوية معهم تسبب خسائر في الأرواح خاصة في تلك المشكلات التي تحتاج لتدخل مهني فاعل يسعى لكسب الطرفين ولمّ شمل الأسرة، فهناك كثير من الفتيات يتم حمايتهن عاجلاً بعد هروبهن من أسرهن عندما يلجأن للجهات الرسمية مباشرة، ولا يعتبر هروبهن جريمة بل يتم السعي لحل مشكلتهن بما يناسبها، أما من يهربن لفترة زمنية طويلة لأماكن مجهولة ولا يلجأن للجهات الأمنية إلا بعد ما يعرضن أنفسهن للجانب الأخلاقي والجنائي فإنه حينها لابد من إتباع الإجراءات الرسمية لحمايتهن أيضاً. لذلك من المهم جداً قبل أن نطلق هذا الاتهام الخطير وتوثيقه للعالم إعلامياً أن نرجع الأمر للجهات المعنية بذلك ونتأكد متى يكون هروب الفتيات جريمة ومتى لا يكون وعدم التعميم لخطورة الأمر.