في معظم إن لم يكن كل مناطق المملكة توجد مشاريع حكومية متأخرة أو متوقفة بسبب المقاولين، بعض هؤلاء المقاولين \"تورط\" في قيمة المشروع الذي ينفذه، وبعضهم في مدة التنفيذ، وبعضهم يعاني من ضعف إمكانات أو سوء إدارة إلى غير ذلك من الأسباب. وسواء كان السبب في نظام المناقصات الحكومية أو في المقاولين فإن الضحية في النهاية هي مسيرة التنمية والمتضرر الأكبر هو الوطن الذي ينعم بوفرة المال ودعم القيادة ويعاني من تأخر أو توقف الإنجاز. والمشكلة ليست وليدة هذه السنة أو الماضية فهي من المشكلات المعمّرة ومعاناة الوطن منها مزمنة، وكلامي هنا لا يعني المشاريع \"المليارية\" التي نفذتها أو تقوم على تنفيذها شركات مقاولات كبرى معدودة ومعروفة مثل شركة \"بن لادن\" أو \"سعودي أوجيه\" أو بعض الشركات الكبرى الأجنبية. وإنما أعني المشروعات الأصغر ذات عشرات الملايين مثل بعض المستشفيات والمراكز الصحية أو الجسور والأنفاق داخل المدن، أو ما يماثلها من المشروعات الإنشائية التي لو جمعت مبالغ تكاليفها في المملكة كلها لوصلت المليارات سنوياً. منذ نحو أربعة عقود كان في المملكة عدد من شركات الكهرباء معظمها متعثر الخدمات ضعيف الاستثمار بصورة تشبه شركات ومؤسسات المقاولات الإنشائية اليوم، والآن لدينا الشركة الموحدة للكهرباء التي أصبح مؤسسو تلك الشركات المتعثرة مساهمين فيها، فما المانع أن تعمل الحكومة على تأسيس الشركة الموحدة للمقاولات الإنشائية لتنفيذ مشاريع الحكومة كلها تحت إشراف هيئة حكومية عليا متخصصة، وذلك بمساهمة مشتركة بين الحكومة وشركات المقاولات الكبرى وفق آلية تخرج المشروعات كلها صغيرها وكبيرها من نفق البيروقراطية وسوء الإدارة وتأخير أو توقف التنفيذ، بل وتحجيم الفساد المالي وتوسيع فرص \"السعودة\" وبالتالي إمكانية التحكم بصورة أدق في المدى الزمني لتنفيذ المشروعات التنموية المختلفة. ولا أظن أن وزيراً واحداً من الوزراء الحاليين أو السابقين ليس لديه معاناة مع تنفيذ مشروعات وزارته سواءً كانت الأسباب من داخل وزارته أو من المالية أو من المقاولين، ولهذا أتصور أن مجلس الوزراء معني بتبني مقترح الشركة الموحدة هذا، أو أي حل آخر ينهي المشكلة، حيث لابد أن هناك حلاً، نستمده من تجاربنا أو نقتبسه من غيرنا أو نبتكره.