الأحداث الدراماتيكية التي تجري في صعدة منذ ست سنوات تستوقف المتأمل، فجماعة الشباب التي نشأت بدعم من الحكومة اليمنية ثم انشقت على الدولة وعلى نفسها بعد ذلك بسبب خلافات فكرية بين قياداتها، ثم اعتنقت الصدام المسلح مع الدولة لا ينبغي أن تمر هذه الأحداث دون أن نعرف أبعادها و مآلاتها، فالنار المشتعلة في صعدة في أطراف ثيابنا. الأستاذ عبد الرحمن الراشد ذهب إلى أن ضعف هيبة الدولة في اليمن و اهتزاز سلطتها أحد أسباب نشوء الجماعة المسلحة، فالقبائل والجماعات في اليمن دولة داخل الدولة وما لم يكن للدولة سلطة فهذا إيذان بنشوء حوثيين آخرين في أماكن أخرى. ومن الدراسات المهمة التي انفردت بنشر فصول منها مجلة العصر الإلكترونية دراسة جاءت من داخل السياق الثقافي كتبها الدكتور : أحمد محمد الدغشي أستاذ أصول التربية وفلسفتها بجامعة صنعاء وعنوانها :الظاهرة الحوثية - دراسة منهجية في طبيعة النشأة وعوامل الظهور وجدلية العلاقة بالخارج، وقد كشف فيها بجلاء كيف نشأ التنظيم بعد إعلان الوحدة والسماح بالتعددية السياسية عام 1990م. والطريف أن هذا الفكر المتطرف نشأ من خلال النشاط الطلابي في الإجازة الصيفية حيث تم تجنيد أكثر من 15000 طالب في هذه الأنشطة، لتتطور الأنشطة وتصبح حلقات تدريس بلغت 67 حلقة تجاوزت محافظة صعدة إلى عمران وحجة والمحويت وتعز وإب وذمار ووصلت إلى دولة قطر. كان مركز دماج السلفي الذي أنشأه مقبل الوادعي رحمه الله في وادعة محفزا كما تشير الدراسة إلى بروز فكر مناهض له، لا سيما وأن الشيخ الوادعي كان شديد الخصومة للفكر الشيعي. وساعد على ذلك ضعف سطوة الدولة من جهة، وجهلها بما يجري في أقبية هذه المراكز و خلف تلك الأنشطة، والرغبة في تقليص نفوذ السلفية ومن يمكن أن يحسب عليها مثل حزب الإصلاح اليمني، ووضوح الهدف لدى حسين الحوثي الذي انشق على مؤسسي التنظيم، والدعم اللوجستي الإيراني، كلها هيأت الحوثيين لملء الفراغ الذي عجزت الدولة عن ملئه. وحين نتأمل الموقع الإستراتيجي لليمن ندرك أن اليمن مؤهلة بسبب موقعها الإستراتيجي لأن تكون مسرحا للصراعات بالوكالة إن لم تنجح الدولة في فهم لعبة السياسة الدولية وتتمكن من إحكام قبضتها على فوضى السلاح، وسطوة القبيلة، وتنشر عدالة الدولة ومؤسساتها في كل مكان. المتتبع لتصريحات حسين الحوثي ودروسه التعبوية، وتصريحات أخيه يحيى الحوثي المتحدث باسم التنظيم من ألمانيا يدرك أن الحوثيين يكنون حقدا دفينا، فهل سيكون الحوثيون هم حزب الله في اليمن؟. الإيرانيون يقدمون التدريب للحوثيين في جيش القدس كما يتحدث المحللون السياسيون. و الدراسة تشير بوثائق وأدلة إلى تأهيل الحوثي لدور سياسي كدور حسن نصر الله في جنوب لبنان. وموقع الشيح على الكوراني بحسب الدراسة يبشر بظهور حسين الحوثي الذي يقود ثورة في صعدة تمهد لظهور المهدي. إيران تمسك بملفات كثيرة في المنطقة وتريد أن تضع في خاصرة الأمة العربية سكينا جديدة، حتى تجعل من الحوثيين بيضة القبان التي ينشد ودها الجيران. الحوثيون فتنة جديدة لا يجب أن تقوم لها قائمة مهما كان الثمن، فلقد تعلمنا أن ثقافة التطهير والتطفيف فارسية بامتياز.