يتزايد عدد المسلمين في العالم بصورة ملحوظة، ففي آخر إحصائية كما نشر أمس بلغ عددهم مليارا وخمسمئة وسبعين مليون مسلم، وفي المقابل تتزايد مشاكلهم ويتفاقم تخلفهم. الإسلام دين عظيم روحيا وحياتيا، والمسلمون الجدد يلمسون ذلك ويستشعرونه لأنهم لم يعتنقوه إلا عن قناعة عميقة، حيث وجدوا فيه ما يملأ فراغ أنفسهم في العلاقة بينهم وبين خالقهم، وما يجعلهم يعيشون حياة متوازنة ترفرف عليها قيم العدل والحرية والمحبة، لكن بعضهم أو كثيراً منهم يصدمه واقع المجتمعات الإسلامية الراسفة في أغلال التخلف بكل ما فيه من فقر وجهل ومرض، وكل ما يتفاعل فيه من مشكلات الشقاق والاقتتال والخلاف وإهدار كرامة الإنسان وحياته، ومصادرة حريته. من المؤسف أن المسلمين يسيرون عكس تيار دينهم العظيم، فهو دين العلم والتقدم والتحضر وهم العنوان الرئيس لمعظم مشكلات العالم اليوم، وبنظرة سريعة على خارطة العالم الإسلامي ستجد ما يدعو للحسرة من واقع بلدانه المتخلفة عن ركب الحضارة العالمي، ففي حين يتكاثر العدد، تتردى الأحوال. كتب كثيرة ألفت، وأبحاث أجريت حول هذا الواقع، وكلها تجمع على عظمة الإسلام، وتخلف المسلمين لكنها لم تصل إلى الحل الناجع الذي يحقق انسجام المعادلة بين عظمة هذا الدين، وضرورة أن يكون أتباعه عظماء، وكلها تتساءل أين الخلل؟ هل يكمن في فهم المسلمين السطحي لدينهم الذي أفضى إلى تفرقهم وتمزقهم إلى شيع ومذاهب تتنازع وتتقاتل؟ أم أن هناك مؤامرة كبرى تشتتهم وتستغل ثرواتهم، وتدعهم في أغلال التخلف؟ وحول هذين الأمرين دارت رحى معارك الكلام بين أنصار نظرية المؤامرة وبين دعاة تصحيح المفاهيم، ولم يصل أي من الفريقين إلى نتيجة تذكر، سوى المزيد من التقهقر، وكلما تفاقم الأمر استنبت كل فريق أدلة جديدة لما يقول، لكن الأمر لم يتجاوز حدود الكلام إلا ما ندر، وفي بلدان إسلامية قليلة جدا، أما الغالب فلا مؤامرة كشفت وشخصت، ولا مفاهيم صححت، وبالتالي لا أمة نهضت. الثروات الطبيعية موجودة، والعدد يتزايد، والعقول من حيث التكوين بشرية طبيعية، فما الذي ينقص 1.57 مليار مسلم ليكونوا أمة متحضرة.