شكاوى تتكرَّر من نساءٍ ورجالٍ يعانون من الأجواء المختلطة بدخان السجاير في منازلهم، فذلك ابنٌ يعاني هو ووالدته وإخوته من دخان سجاير والدهم الذي لا يكاد ينقطع عن التدخين، ولا يلتزم بمكان محدَّد للتدخين، فهو -على حسبِ كلام أهله- يدخِّن في كل مكانٍ يجلس فيه، أما غرفة نومه فهي مدخنة من نوع خاص لا يمكن وصفها، ولا معرفة خطورتها إلا بالمشاهدة. وتلك زوجةٌ تستنجد بمن حولها من غيوم التدخين الداكنة التي تملأ منزلها بصورة مستمرة لأنها تعاني من شيوع التدخين بين أفراد منزلها الذكور زوجاً وأولاداً، ولكنها لا تجد من ينقذها، وتلك فتاة تقول: النيكوتين أشعر أنه يبلغ مني مبلغه، والسبب أخي الذي يتنفس دخان السجائر ونحن معه، ولا يستمع إلى نداءاتنا ورجاءاتنا أن يرحمنا من هذا البلاء. وتلك أم تقول من خلال اتصالها ببعض البرامج؛ أدركوني فقد أصبحت أشعر بآلام شديدة في الصدر بسبب التدخين الشائع بين أولادي بنين وبنات، إنني أعيش في منزلي عيشة الشقاء بسبب هذا البلاء، ولم أستطع أن أقنع أولادي بخطورة التدخين، كما لم أستطع أن أستثير في نفوسهم عواطف الرحمة والإشفاق على أمهم التي تعبت ومازالت تتعب من أجلهم. وذلك جارٌ يشكو من روائح التدخين والشيشة التي تصل إلى شقتهم من شقة جارهم الملاصقة لهم، ويقول تحدَّثت مع جاري أكثر من مرَّة، ومازالت المشكلة كما هي حتى عزمت على الانتقال -برغم ما فيه من العناء- إلى شقة أخرى. شكاوى كثيرة من هذا الوباء المنتشر بين الناس، وهي تدلُّ على جمع كثير من المدخنين والمدخنات بين إثم التدخين على أنفسهم، وإثم إيذاء أهلهم وذويهم وجيرانهم، فهم يحققون معنى المثل العربي القائل (حَشَفٌ وسوء كَيْلَة) أُطلق على رجل كان يبيع تمراً رديئاً ويغشُّ الناس في الكيل، وهو يُطلق على كل من يجمع بين خصلتين ذميمتين في وقت واحد. هذه الحالة المؤسفة التي تعاني منها البيوت المبتلاة بالتدخين والمدخنين تحتاج منا إلى عنايةٍ خاصة، وإلى معالجةٍ جادَّة، ولربما كان من الملائم أن تطلق حملة شاملة تحت عنوان: (بيوتٌ بلا تدخين) تستخدم فيها وسائل التوعية والتوجيه المتاحة، من خلال الندوات، والكتيبات، ووسائل الإعلام المختلفة، ومراكز الأحياء، والمساجد، حتى يتنبَّه الغافل، ويراجع نفسه المكابر، وتسلم البيوت من الآثار المرضيَّة السيئة التي يتركها دخان سجائر المدخنين في صدور المرافقين لهم من الأهل والأقارب والأصحاب، وحتى يعود البيت المسلم إلى وضعه الطبيعي نقاءً، ونظافةً، وصحةً وسلامة. (بيوتٌ بلا تدخين) عنوانٌ جدير بالاهتمام والانتشار، رحمةً بالمتضرِّرين من هذا الوباء المفروض عليهم في عقر دورهم. إشارة : عِفْنا زلال الماء يا ويحنا=واستعذبتْ أنفسُنا الطِّيْنَا