لا تسلية لنا أثناء وجودنا في السيارة سوى الاستماع لبرامج المذياع وتحمل ما فيها من استخفاف وطيش , وخروج على العرف والحدود في بعض الأحيان . بل قد نصبح مستمعين عاجزين لخلافات إذاعية ومناوشات وتهجم . وفي أحيان أخرى لا يخلو الأمر من كلمات خادشة ومبتذلة ؛ يشترك فيها المقدم والمستمع على حد سواء . وأضواء الإعلام لم تعد مسلطة على من يقدمه من المذيعين والممثلين ومعدي البرامج والمخرجين ؛ ولكن هناك البرامج التي يكون أبطالها من العامة سواء المواطنين أو الوافدين بمختلف الأعمار والأجناس , وقد كشفت المستور عند المشاهد والمستمع من قشور الثياب والمظاهر وإدعاء المعرفة , و أظهرت مدى سطحية البنات والشباب ونجاح فكرة الاستثمار من جيوبهم , وليس ذلك لقوة الفقرات المقدمة وعجز الرأي العام عن مسايرتها ؛ بل لسخافتها وهامشيتها في تناول القضايا وتحويلها إلى مادة للسخرية والضحك وبث الخلافات بين الناس وذلك يبدو جليا في ردود المشاركين . وما عليك سوى متابعة مثل هذه الحوارات بين المذيعة صاحبة الصوت الشجي والأسلوب الذكي والضحكة المميزة وبين الشباب المدفوعين بالفراغ وإثبات فاشل على عصريتهم وانتمائهم للقروبات الفلة , ليندى جبينك مما قد تسمعه من دلال وغنج المذيعة الذي يقابله جهل الشاب وتلعثمه ( يغرق في شبر مويه ) وعادة يستفتح أحدهم الحديث بعد السلام والتحية بقوله : عرفتيني ؟ المسكين يعتقد أن المذيعة عرفته بمجرد سماعها صوته , وما زالت تفكر فيه من آخر مكالمة شارك فيها , فإذا أجابت باسمه ؛ تسمع صوت التشجيع والتصفيق من شباب الاستراحة الذين راهنهم على أن المذيعة قد أعجبت به ( في نظرتها حنية ) .ولا تندهش إذا سمعت صوت منبه السرعة في سيارته ؛ فالمسكين ضغط بقوة اندفاع الدم في عروقه على دواسة البنزين وخاصة لو كان ماسك خط . أما إذا لم تعرفه فإنها وبذكاء مجرب تتنصل من الإجابة بطريقتها الخاصة وتقنعه أنه من المشاركين المميزين وما عليه سوى التكرم برأيه الثمين في الموضوع المطروح . فيسأل : أيش موضوع الحلقة ؟ ( طيب ليش اتصلت ؟ ) وعندما يغص بجهله وفراغ ذهنه من أي معلومة عن الموضوع ؛ تنتهي المكالمة بالطلب الممجوج : ممكن أهدي !ثم يسرد الطيب عشرات الأسماء لفتيات وشباب ( يبدو أنها مسجلة في ورقة ) وهي أسماء لا علاقة بينها مما يثبت نظرية التعارف التي تسعى هذه البرامج لبثها بين الرجال والنساء ! المصيبة أن هذه الصور الجلية على دلع البنات وسخفهن , وعلى جهل الشباب وسطحيتهم مدفوعة من حسابهم , وتقود إلى تدهور أخلاقي . مدونة الأستاذة رفعة بنت محمد الغامدي